يا ناعيا فاجأ الربوعا

يَا ناعِياً فَاجَأ الرُّبُوعَا

أجْزَعْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ جَزُوعَا

كَفى فُؤادِي مَا فِي فُؤَادِي

لا تَصِفِ الحَادِثَ الفَظَيعا

كانَ مِنَ الصَّبرِ لِي دُرُوع

لَمْ يَدَعِ الدَّهُرِ لِي دُرُوعَا

يَذْهبُ مَيْتٌ وَرَاءَ مَيْتٍ

وَأَنْثَني أذُرِفُ الدُّمُوعَا

هَذَا حَبِيبٌ قضَى وَيَتْلو

آخَرُ فِي إِثْرِهِ سَرِيعَا

وَخيْرُ أَهْلِي وَخَيْرُ صَحْبِي

مَضَوا تِبَاعاً وَلاَ رُجُوعَا

وَمَا بَقَائِي إلاَّ اغْتِرَابٌ

إِذَا ثَوَى رِفْقتِي جَمِيعَا

عَادَ فَأَذْكَر الأَسَى عَلَيْهِمْ

آخٍرُ نَاءٍ هَوَى صرِيعَا

أَوْدَى وَفِي صَدْرِهِ صُدُوعٌ

ذَاك الَّذِي يَرْؤُب الصٌّدُوعَا

وَأَحَرَّ قلْباً علَيْهِ يُدْمَى

مُقلِّباً جنْبَهُ الواجِيَعا

بَعْدَ النَّجيعِ المُرَاقِ عَنَّا

هَلْ سَالَ جَرْحٌ أَنْقَى نَجِيعَا

بَيْنَ ضُلُوعِي نعْشُ حَبِيبٍ

أَذْكَى الأَسى حوْلَهُ الضُّلُوعَا

يا علمَ البِيعَةِ المُعلَّى

وَحِصْنَها الرَّاسِخَ المَنِيعَا

وخَيْرَ رَاعٍ فِي خَيْرِ حَقْلٍ

بُورِكَ فِيهِ رَعْيَ القَطِيعَا

حَقْلٌ سَقاهُ الفِدَى دِمَاءً

بِهَا سَيَبْقَى خصْباً مُرِيعَا

كُنْتَ شَبِيهَ المَسيحِ تَجْلُو

لِلنَّاسِ تِمْثَالَهُ الْبَدِيعَا

مُصَوِّراً بِالحَلَى حَلاَهُ

وَحَامِلاً قَلْبَهُ الوَدِيعَا

بِآيَةٍ لِلْجَّلاَلِ تَلْقَى

فِي الأَنْفُسِ الحُبِّ وَالخُشوعَا

حاكَيْتَ نَاسُوتَهُ كَمَالاً

وكُنْتَ تِلْميذَهُ المُطِيعَا

تَبْذُلُ فِي الباقِياتِ بَذْلاً

أَلْطَفَ مَغْزىً مِنْ أَنْ يذِيعَا

تَلُوذُ بِالحَقِّ لاَ تُرَاعِي

فِيهِ وُصُولاً وَلاَ قُطُوعا

تُنَاصِرُ الحُرَّ فِي المَسَاعِي

وَتَكْبَحُ الفِتْنَة الشُّمُوعَا

تُطَهِّرُ الْبَيْتَ لاَ شِرَاءً

تُحِلُّ فِيهِ وَلاَ مَبِيعَا

وَلمْ تَكُنْ بالْفِدَى ضَنِيناً

وَلمْ تَكُنْ لِلنَّدَى مَنُوعَا

وَمَا تَوَلَّيْتَ مِنْ صَنِيعٍ

لِلْخَيْرِ أَكْمَلْتَهُ صنِيعَا

أُوْتِيتَ ذِهْناً خَصْباً وَعِلْماً

إِلى مَدَاهُ الأَقْصى وَسِيعَا

تَكُتَبُ فَالْوَحْيُ مُسْتَهَلٌّ

يُنْشِيءُ فِي طِرْسِكَ الرَّبِيعَا

وَالفُصُحُ المُنْتَقَاةُ تُمْلِي

بَيَانَكَ النَّاصِعَ الرَّفِيعَا

تَخْطُبُ فَالرُّوحُ فِي تَجَلٍّ

مِنْ أَوْجِهِ يَمْلِكُ الجُّموعَا

إِشَارَةٌ كَالشُّعاعِ هَدْياً

وَمَنْطِقٌ يَطْرِبُ السَّميعَا

شأَوْتَ قِسّاً وَمَا عَرِفْنَا

لهُ بِمَيْدَانِهِ قَرِيعَا

لَوْ عَادَ مِمَّن خَلاَ أُنَاسٌ

لَعَادَ مَتْبُوعُهُمْ تِبيَعا

خِلاَلُ مَجْدٍ عَلَى زَوَاكِي

أُصُوِلهَا أَنْبَتتْ فُرُوعَا

لَمْ يُلْفَ إِلاَّكَ عَبْقَرِيٌّ

رَدَّ بِهِ شَمْلَهَا جَمِيعَا

ضمَّ المَزَايَا إِلى المَزَايَا

وَكانَ إِلاَّ بِهَا قَنُوعَا

أَمْعنَ فِي كُلِّ مَا تَوَخَّى

إِلى نِهَايَاتِ مَا اسْتُطِيعَا

بِعَزْمةٍ لا تَهِي وَنفْسِ

إِلَى الْعُلَى لاَ تنِي نُزُوعَا

وَرِقَّة فِي أَسِىً ضَيْمٍ

لاَ يَقْرِبُ الذُّلَّ وَالخُنُوعَا

يَقْتَحِمُ الهَوْلَ لاَ يُبَالِي

وَالهَوْلُ قَدْ شَيَّب الرَّضِيعَا

أَلْعَبْقَرِيُّ الكَبِيرُ أَمْسَى

فِي بَرْزَخٍ ضَيِّق ضَجِيعَا

أَجَابَ مَوْلاَهُ إِذْ دَعَاهُ

لاَ مُسْتَطَاراً وَلاَ مَرُوعَا

تَبْكِي فِلَسْطِينُ بِانْتِحَابٍ

مِقْدَامَهَا الصَّادِقَ الشَّجِيعَا

وَالضَّادُ تَأْسَى لِفَقْدِ ذُخْرٍ

بِرَغْمِهَا أَنَّه أُضِيَعا

يَا مَنْ شَجَاهُمْ مِنْهُ هُجُوعٌ

نَفَّرَ مِنْ شَعْبِهِ الهُجُوعَا

أَلَمْ تَرَوْا كَوْكَباً جَدِيداً

يَبْهُرُ لأْلاَؤُهُ سُطُوعا

بِحَْسبُكْم أَنَّه يُدَانِي

فِي مَلَكُوتِ الْعُلَى يَسُوعَا

وَأَنَّ حَبْراً حَمَى حِمَاكُمْ

أَضْحَى لَكُمْ عِنْدَهُ شَفِيعَا