سدوم

 ماتَتِ البَلوَى ومُتنا مِن سنينْ

سَوفَ تبْقى مثلما كانتْ

ليالى الميِّتينْ

لا اذِّكارٌ يُلهِبُ الحسْرَةَ

من حينٍ لحِينْ

لا فصولٌ،

سوف نَبْقى خلْفَ مرمى

الشمسِ والثلجِ الحزينْ

ليس يُغوينا ابتهالٌ

يَجتدي العاتي يقينًا مطمئنًّا

يَجتَديه بعضَ ما استنزف منًّا

بعضَ إشراقِ الرؤى بعضَ اليقينْ

بعضَ ذكرى

أيُّ ذِكْرى، أيُّ ذكرى

من فراغٍ ميِّتِ الآفاقِ.. صَحْرا

مسحتْ ما قبْله، ثم اضمحلَّتْ

خَلَّفتْ مطرحَها طعمَ رمادْ

مطرحَ الشمسِ رمادًا وسوادْ،

هيَ ذكرى ذلك الصبحِ اللَّعينْ

كان صبحًا شاحبًا

أتعسَ من ليلٍ حزينْ،

كان في الآفاقِ والأرضِ سكونْ

ثم صاحَتْ بومةٌ، هاجتْ خفافيشٌ

دجا الأفقُ اكْفهرَّا

وَدَوَت جَلجلةُ الرعدِ

فشقَّتْ سحُبًا حمراءَ حرَّى

أمطرتْ جمرًا وكبريتًا وملحًا وسموم

وجرى السيلُ براكينَ الجَحيمْ

أحرقَ القرية، عرّاه،

طوى القتلى ومرَّا

عَبَرَتنا محنةُ النارِ

عَبَرْنا هَوْلَها قبرًا فقبرا

وتلَفَّتْنا إلى مطرحِ ما كانَ لنا

بيتٌ، وسمَّارٌ، وذِكرى

فإِذا أضلُعُنا صمتُ صخورٍ

وفراغٌ مَيِّتُ الآفاقِ.. صَحْرَا

وإذا نحنُ عواميدٌ من الملحِ،

مُسُوخٌ من بلاهاتِ السنينْ

إنْ تُذَكِّرْ عابرَ الدربِ

بحالِ الميِّتينْ

فهي لا تذكرُ، جوفاءَ،

بلا أمسٍ، بلا يومٍ وذكرى