ما تبتغين لدى العلياء من أرب

ما تَبتَغينَ لَدى العَلياءِ مِن أَرَبِ

وَقَد بَلَغتِ المُنى يا أُمة العَرَبِ

أَحياكِ مَولاكِ إِسماعيلُ فَاِبتَهِجي

وَأَهدي لَهُ كَلِماتِ الشُكر عَن كَثَبِ

هنئتمُ يا أَهالي مَصر إِنَّ لَكُم

في ظل دَولَتِهِ عُمرٌ مِن الذَهَبِ

مَولىً بِقَلب أَبٍ يَرعاكُم وَلَهُ

دَيناً خَضَعتُم بِطَوع ابنٍ لِخَير اِبِ

رقيَّ البِلاد إِلى أَوج العَلاءِ كَما

أَحيي العِبادَ بِفَضلٍ غَير مُحتَجِبِ

فَأَصبَحَت في بُحور الرَغدِ سابِحَةً

أَقطارُكُم وَهِيَ تَعلو أَرفَع الرُتَبِ

لا ظُلمَ لا غَدرَ لا اِستعبادَ يَشمَلَكُم

لا زَيغَ لا طَيش لا قَصرٌ عَن الأَرَبِ

قولوا إِلى الهَرَمِ الأَعلى وَما جَمَعَت

قرناقُ مِن أَثَرٍ زاهٍ وَمِن عَجَبِ

وَما بِلُقصُرَ مِن نَقشٍ وَمِن عُمدٍ

وَما بِثيبةَ مِن مُستصنِعٍ صَعبِ

عَلى حجارتكم أَقوامَكُم نَقَشوا

أَسماءَ ساداتهم في مَجدِها الكذبِ

لَكنَّ أَعمال مَولانا العَزيز عَلى

قُلوبِنا اِنتَقَشَت فَضلاً عَن الكُتُبِ

كانَت قَبائِلُكُم بِالجَهل خابِطَةً

تَلقى العَنا تَحتَ نير الجور وَالكَربِ

وَنَحنُ كَالأُمَراءِ اليَوم في سِعَةٍ

يَسعى الزَمانُ لَما نَبغى مِن الطَلَبِ

لا تذهل العَين مِن آثار صَنَعتهم

فَلا نَراها سِوى ضَربٍ مِن اللَعبِ

لَكن صَنائِعنا أَسرارَها عَظمت

فَنجتني الآن مِنها كُل مُرتَغِبِ

تَذري بِحكمتهم في عَصر سَيدِنا

إِذ قَد أَفاضَ ضِياءَ العلم وَالأَدَبِ

أَلقى لَنا مُعجِزات العَصر تَخدُمُنا

أَسرارَها بِاجتِهاد غَير مُنغَلِبِ

فاضَت ذراعتنا في ظلِّهِ وَزَهَت

بِحِلَةِ الخَصب لا تَلوي عَلى السُحُبِ

سوزستريس لِمَصرٍ قَد أُعيدَ بِهِ

بِالفهم وَالحلم لا بِالجَهل وَالغَضَبِ

رَد البَطالس في علم وَفي عَمَلٍ

بِالأَمن وَالسلم لا بِالحَرب وَالحَربِ

وَقامَ فيهِ صَلاح الدين مُنتَصِباً

بِالرفق وَاللُطف لا بِالفَتك وَالعَطبِ

يا أَيُّها السَيد العالي الَّذي لَمَعَت

صِفاتَهُ في جَبين العَصرِ كَالشُهُبِ

البَسَتني فَوقَ قَدري حِلَّةً عَظمت

في كُلِ عَينٍ عَلى ضَعفي فَيا طَرَبي

إِني سَأَرحَل عَن علياك مُصطَحِباً

بِالسَعد وَالفَخر مُمتازاً عَلى صَحُبي

سَأَركَبُ البَحرَ حَولي مثللَ لجَتِهِ

بَحرٌ عَليَّ طَما مِن جودكَ العَذبِ

وَلي لِسانٌ مُذيعٌ مثل ضَجَتِهِ

يَشدو بِشُكرِكَ مَنشوراً مَدى الحَقبِ

وَظلكَ الباسط المَمدود يَشمَلَني

أَين اِتَجهتُ وَيَحميني مِن النَكبِ