أما ينفك قلبك مستطارا

أما ينفكُ قلبك مستطارا

إذا ما البرقُ أوْمَضَ واستطارا

أنارَ حواشي الظلماءِ وَهْناً

وأَذكى في الجوانِح منك نارا

سرى في ليلةٍ كرمتْ وَطابتْ

فحال سوادها الداجي نهارا

أقمْتُ بها وَصحبي دارَ (سعد)

فأحمدناهما سعداً وَدارا

لقد رفعوا سرادقَها سماءً

به الأَضواءُ تزدهرُ ازدهارا

وكانتْ مَأْلَفَ الآرام حتى

لقد أَنستْ فما تُبدي نفارا

وَأحسن مشهدٍ شَهِدَتْهُ عيني

فما ينفكُّ يحدثُ لي ادكارا

مهاداة العروسِ عَلَى حياءٍ

يخطُّ بصفحةِ الخدِّ احمرارا

وَزند خطيبِها علقتْ بزندٍ

لها فتمثلا غصنيْنِ سارا

تحفُّهما شموعٌ موقدات

فأحسب ما أرى فلْكاً مدرار

دنتْ وَدنا إلى قسٍ مهيبٍ

لقد تخذ الصليبَ له شعارا

وَقفنا منصتين لما تلاه

من الإنجيل سراً أو جهارا

وَأَحكمَ عقدةَ التزويج وفقاً

لما كان المسيحُ به أشارا

وَأمّنا عَلَى ما قال لمّا

سمعنا بالدعاءِ له جؤار

وَمذْ تَمَّ الزواجُ مضى حميداً

فودعنا المهابةَ والوقارا

وأرسلنا النفوسَ علَى هواها

بما تقضي مروءَتها تبارى

وَظلنا نحتسي الأكوابَ ملأَى

نبيذاً أو عصيراً أو عقارا

وَمن شجوِ الغناءِ بكلِّ فنٍ

كثيرٌ مَنْ به خَلَعَ العذارا

تَدَثَّرَتِ الوجوهُ وَبان ميل

بأعطافِ الحضورِ فهمْ حيارى

وَممشوق القوام دنا لخوْدٍ

تفوقُ بحسنِ طلعتِها العذارى

تأَوّدَ قدَّها وَحنا عليها

كدميةِ مرمرٍ حملت إطارا

فخاصرها بيمناه وَألقتْ

عَلى مخفوضِ عاتقه اليسارا

وَقد علقتْ بيمناها شمالٌ

فلست ترى بربطهما انفطارا

فظلاّ يرقصان عَلَى المثاني

ضروباً لا وَربّك لا تجارى

كأنَّ مواطئَ الأَقدامِ نارٌ

بقلبي فهي لا تُلفي قرارا

فطوراً ينبهانِ الأرضَ نهباً

كرِئْمٍ نافرٍ يطوي القفارا

وَطوراً يقصرانِ الخطوَ عَمْداً

كفَرْخٍ ساقط يطأ الخَبارا

إذا يعطو لها بالجيد دلّتْ

فتعطف تارةً وَتصدُّ تارا

وَلا تسأَلْ عن الشعراءِ حولي

فقد جاش القريضُ بهم وَثارا

نفوسٌ هزّها طربٌ فجادَتْ

بما يدع الصحاة وَهم سكارى

فيالكِ ليلةً فيها تجلّى

إخاءُ المسلمين إلى النصارى