آية في تسلسل الذكريات

آيَةٌ فِي تَسَلْسُلِ الذِّكْرَيَاتِ

أَنْ تَعُودَ الحَيَاةُ بَعْدَ الحَيَاةِ

لَيْسَ فِي عَالَمِ الخُلُودِ فَنَاءٌ

لاَ وَلاَ فِي الفَوَاتِ كُلِّ الفَوَاتِ

أَكْرِمِ العِلْمَ حَيْثُ كَانَ وَفِي كُْـ

ْـلِّ مكَانٍ فِي الحَيِّ أَوْ فِي الرُّفَاتِ

وَتَنَزَّهْ إِنْ رُمْتَ مَا هُوَ أَبْقَى

عَنْ هَنَاتٍ سَتَنْقَضِي وَهَنَاتِ

قوَّةُ العِلمِ أَنَّه مُلهِمُ الحُسْ

نَى وَحَلاَّلُ أَعْقَدِ المُعْضِلاَتِ

فَهْوَ فِي أَقْطَعِ الصُّرُوفِ وَصُولٌ

وَهْوَ فِي أَمْنَعِ الظُّرُوفِ مُوَاتِي

كُلُّ وَقْتٍ يُمَدَّدُ العِلْمُ فِيهِ

هُوَ لاَ رَيْبَ أَسْمَحُ الأَوْقَاتِ

رَأْيُ هَذَا الوَزِيرِ أَعْلَى وَفِي حَضْْـ

ْـرَتِهِ شَاهِدٌ جَلِيُّ الإِيَاةِ

وَالهِلاَلِيُّ كَانَ أَجْدَرَ مَنْ يَجْْـ

ْـلُو بِنُورٍ غَيَاهِبَ الظُّلمَاتِ

يَا مُعِيدِي مُوسى إِذَا مَا جَلَوْتُمْ

وَجْهَ مَاضْ لَمْ يَخْفَ وَجْهُ الآتِي

أُنْظُرُوا حينَ تَرْجِعُ العَيْنُ أَدْرَا

جَ اللَّيَالِي تُطَالِعُ البَاقِيَاتِ

كَيْفَ يَلْقَى الإِنْسَانُ فِيهَا أَخَاهُ

وَكَأّنَّ العَهْدَيْنِ فِي مِرْآةِ

قَدْ تَقَضَّت مِنَ السَّنينَ مِئَاتٌ

مَا الَّذِي جَدَّ بَعْدَ تِلْكَ المِئَاتِ

بَيْنَ جِيلٍ خَلاَ وَجِيلٍ تَلاهُ

لَمْ تُبَدَّلْ جَوَاهِرُ الحَالاَتِ

كَانَ مُوسَى وَلِيدُ قُرْطُبَةٍ يَنْ

شَأُ في صَعْبَةٍ مِنَ البِيئَاتِ

فَتَوَلَّى عَنْهَا يُطَوِّفُ فِي الآ

فَاقِ بَيْنَ الأَمْصَارِ وَالفَلَوَاتِ

لَمْ يَسَعْهُ مِنَ البِلاَدِ سِوَى رَوْ

ضِ المَعَالِي وَمَنْبِتِ المَكْرُمَاتِ

مِصْرُ كَهْفُ الأحْرَارِ فِي كُلِّ عَصْرٍ

وَمَلاَذُ المُرَوَّعِينَ الأَبَاةِ

وَإِلَى ذَاكَ مَوْئِلُ العِلمِ إِنْ لَمْ

تَرْحَبِ الأَرْضُ بِالهُدَى وَالهُدَاةِ

هُوَ غَرْسٌ آوَتْ فَكَانَ أَفَانِْـ

ْـنَ تَسُرُّ النُّهى مِنَ الثَّمرَاتِ

نَضِجَتْ حِكْمَةُ الخَلاَئِقِ مِنْهَا

فِي أَوَانٍ بَدِيعَةِ الزِّينَاتِ

ذَاتِ صَوْغٍ مُنَمَّق عَرَبِيٍّ

رَصَّعتْهُ جَوَامِعُ الكَلِمَاتِ

ذَاكَ وَافَى بِاللَّوْح مِنْ طُورِ سِينِي

نَ إِلى اليَوْمِ حَمِلَ المِشْكَاة

صَوْلَةُ الرَّيْبِ لَمْ يَخَفْهَا عَلَيْهِ إِنَّ

مَّا خَافَ صَوْلَةَ التُّرَهَاتِ

فَنَفَ فِي شُرُوحِهِ لِمُتُونِ ال

وَحْي مَا رَابَهُ بِغَيْرِ افْتِئَاتِ

وَمَضَى فِي تَخَيُّرِ السُّننِ المُثْ

لَى وَلَمْ يَثْنِهِ اعْتِرَاضُ الغُلاَةِ

وَابْنُ مَيْمُونَ كضانَ فِي خُطَّة أُخْ

رَى مِنَ الرَّاسِخِينَ أَهْلِ الحَصَاةِ

رَاجَعَ العَقْلَ فِي الحَقَائِقِ وَاسْتَهْ

دَى بِهِ فِي غَيَاهِبِ المُشْكِلاَتِ

سَلْ أُوْلِي الذِكْرِ فِي الفِرِنْجَةِ عَمَّا قَبَ

سُوا مِنْ أَحْكَامِهِ النَّيرَاتِ

وَتَتَبَّع صُنُوفَ مَا اَثَرُوا عَنْْـ

ْـهُ وَمَا دَوَّنُوا بِشَتَّى اللُّغَاتِ

كَانَ لِلعُرْبِ فِي دَلِيلِ الحَيَارَى

قِسْطَهُمْ مِنْ فُصُولهِ القِّيمَاتِ

أَبْرَزَ العِليَةَ المُجَلِّينَ مِنْ

هُمْ فِي مَجَالِ العُلومِ وَالفَلْسَفَاتِ

فَدَرَى الغَرْبُ فَصْلَُهُمْ حِينَ كَانَتْ

فِيهِ أَعْلَمُهُمْ مِنَ النَّكرَاتِ

إِن فِي ذَلِكَ الكِتَابِ لَخَوَضاً

مُطْمَئِنَّا فِي أَخْطَرِ الغَمَرَاتِ

وَمِزَاجاً مَا بَيْنَ مَعْنَى وَحِسٍّ

لَمنْ يَكُنْ إِنْ يُرَمْ مِنَ الهَيِّناتِ

عَجَبٌ كُلُّ مَا تَضَمَّن فِي اللَّْـ

ْـهِ وَفِي كَوْنِهِ وَفِي الكَائِنَاتِ

فِي مَفَاعِيلِ حَوْلِهِ أَوْ مَرَامِي

طَوْلِهِ أَوْ مُقَوِّمَاتِ الذَاتِ

وَمَعَانِي هَذَا الوُجُودِ وَمَا فِي

كُلًّ أَجْزَائِهِ مِنَ المُعْجِزَاتِ

وَمَغَازِي مَا قَرَّبَتْهُ مِنَ السُّبْْـ

ْـلِ وَمَا بَعَّدَتْ مِنَ الغَايَاتِ

نَظَرَاتٌ إِنْ حُقِّقتْ فَهْيَ فِي جُمْْـ

ْـلَتِهَا مِنْ صَوَادِقِ النَّظرَاتِ

تِلكَ بِالفَيْلَسُوفِ إِْمَامَةٌ عَجْلْ

لَى أَتَقْضِيهِ حَقّهُ هَيْهَاتِ

كَيْفَ تُرْوِي الأُوَامَ وَالمَاءُ يَجْرِي

عَبَباً رَشْفَةٌ مِنَ الرَّشَفَاتِ

فَلْنُيَمِّم شَطْرَ الطَّبيبِ وَفِي الرَّوْ

ضَةِ مَا يُجْتَنَى بِكُلِّ التِفَاتِ

أَيُّ وَصْفٍ أَوْفَى وَاَبْلَغُ مِمَّ

قَالَ فِي وَصْفِهِ كَبِيرُ الأُسَاةِ

قَدْ سَمِعْتُمْ فِيهِ عَليّاً وَهَلْ يَعْْـ

ْـرِفُ إِلاَّ الثِّقاتُ قَدْرَ الثِّقاتِ

وَقَدِيماً تَجَوَّدَ ابْنُ سَنَاءِ الْـ

ْـمُلكِ مَا صَاغَ فِيهِ مِنْ أَبْيَاتِ

سَأُعِيدُ المَعْنَى عَلَيْكُمْ وَإِنْ كَا

نَتْ مَعَانِيهِ جِدَّ مُخْتَلِفَاتِ

لَوْ شَكَا دَهْرُهُ الجَهَالَةَ مَا اسْتَعْْـ

ْـصَى عَلَيْهِ إِبْرَاءُ تِلكَ الشَّكاةِ

وَلَوِ البَدْرُ يَسْتَطِبُّ إِلَيْهِ

لَشَفَى مَا بِهِ مِنَ العِلاَّتِ

مَا الَّذِي أَحْدَثَ ابْنُ مَيْمُونَ فِي الطِّْـ

ْـبِّ وَمَا شَأنُ تِلكُمُ المُحْدَثَاتِ

لَمْ يَقِفْ طِبُّه عَلَى المَلِكِ الأَفْ

ضَلِ وَالأَرْفَعِينَ فِي الطَّبقَاتِ

أَنْفَعُ العِلْمِ مَا يُوَجِّههُ العَقْـ

ْـلُ إِلَى البِرِّ لاَ إِلى الشَّهوَاتِ

سَخَّرَ الطِّب لِلأَنَامِ جَمِيعاً

فَتَقَرَّاهُ فِي جَمِيعِ الجِهَاتِ

يَتَوَخّى قَيْدَ الأَوَابِدِ فِي بَا

بٍ َبَابٍ مِنْهُ وَجَمْعِ الشَّتاتِ

وَيُقِرُّ السَّليمَ مِنْ كُلِّ زَيْفٍ

بَعْدَ لأْيٍ فِي المَحْوِ وَالإِثْبَاتِ

آخِذاً مِنْ تَجَارِبِ العُرْبِ وَاليُونَا

نِ وَالهُودِ نَاجِعَاتِ الصِّفات

وَمُضِيفاً إِلَى الثَّوَابِتِ مِنْهَا

مُحْكَمَاتِ الأصُولِ وَالتَّجرِبَاتِ

وَأَمَاطَ اللِّثَامَ عَنْ كُلِّ بُرْءٍ

سِرُّهُ فِي الجَمَادِ أَوْ فِي النَّباتِ

فَتَقَضَّى جِيلٌ فجِيلٌ وَلِلدَّا

ءِ دَوَاءٌ بِفَضْلِ تِلكَ الدَّوَاةِ

هَذِهِ مِصْرُ هَلْ تَرَى يَا أَبَا عِمْْـ

ْـرَانَ فَرْقَ المِئِينَ فِي السَّنوَاتِ

عَهْدُهَا عَهْدُهَا كَمَا كضانَ وَالما

ضِي بِمَا بَعْدَهُ وَثِيقُ الصِّلاةِ

لَمْ تكُنْ مُخْطِيءَ ارَّجَاءِ بِمَا اسْتَسْ

لَفْتَ مِنْ مَجْدِ هَذِهِ التَّكرِمَاتِ

مِصْرُ كَانَتْ مِنْ بَدْئِهَا وَسَتَبْقَى

آخِرَ الدَّهْرِ مَبْعَثَ العَظَمَاتِ