أبيت والسيف يعلو الرأس تسليما

أَبَيْتَ وَالسَّيْفُ يَعْلُو الرَّأْسَ تَسْلِيماً

وَجُدْتَ بِالرُّوحِ جُودَ الحُرِّ إنْ ضِيمَا

تذَكُرُ العُرْبُ وَالأَحْداثُ مُنْسِيَةُ

مَا كَانَ إذْ مَلَكُوا الدُّنْيَا لَهُْمْ خِيمَا

للهِ يَا عُمَرُ المُخْتَارُ حِكْمَتُهُ

فِي أنْ تُلاقِيَ مَا لاَقَيْتَ مَظْلُومَا

إِنْ يَقْتُلُوكَ فَمَا إنْ عَجَّلُوا أجَلاً

قَدْ كَانَ مُذْ كُنْتَ مَقْدُوراً وَمَحْتُومَا

هَلْ يَمْلِكُ الحَيُّ لَوْ دَانَتْ لَهُ أُمَمٌ

لأَمْرِ رَبِّكَ تَأْخِيراً وتَقْدِيمَا

لَكِنَّهَا عِظَةٌ لِلشَّرْقِ أوْسَعَهَا

مُصَابُهُ بِكَ فِي الأَخْلاَدِ تَجْسِيمَا

لَعَلَّهُ مُسْتَفِيقٌ بَعْدَ ضَجْعَتِهِ

أَوْ مُسْتَقِيلٌ مِنَ الخَسْفِ الَّذِي سِيمَا

أَجْدِرْ برُزْئِكَ لَمْ تُحْذَرْ عَوَاقِبُهُ

أَنْ يَفْجَعَ العُرْبَ تَخْصِيصاً وتَعْمِيما

وَأَنْ يُؤَجِّجَ نَاراً مِنْ حَمِيَّتِهِمْ

وَأَنْ يَرُدَّ فِرَِنْدَ الصَّبْرِ مَثْلُومَا

هَيْهَاتَ نُوفِيكَ وَالأقْوَالُ عُدَّتُنَا

حَقّاَ وَنُوفِي الصَّنادِيدَ المَقَاحِيمَا

مِنَ الأُولَى صَبَرُوا الصَّبْرَ الجَمِيلَ وَقَدْ

ذَاقُوا الكَرِيهَيْنِ تَقْتِيلاً وَتَكْلِيمَا

وَعَلَّ أَشْقَاهُمُ البَاقِي عَلَى كَمَدٍ

وَعَلَّ أرْوَحَهُمْ مَنْ قَرَّ مَرحُومَا

قَدْ أَثمُوكُمْ وكَمْ مِنْ مُثْلَهٍ نَزَلَتْ

بِالأَبْرِياءِ وَبِالأَبْرَارِ تَأْثِيمَا

وَإنَّمَا ذَنْبُكُمْ ذَنْبُ الأُولَى جَعَلُوا

صِدْقَ الهَوَى لِلحِمَى دِيناً وَتَعْلِيمَا

أُمْضُوا رِفَاقاً كِراماً حَسْبُكُمُ عِوَضاً

فَخْرٌ عَزِيزٌ عَلَى الخُطَّابِ إنْ رِيمَا

قَدْ سِرتُمُ في سَبِيلِ الخَيْرِ سِيرتَكُمْ

مُحقِّقِينَ رَجَاءً خِيلَ مَوْهَومَا

لاَ حاكِماً دُونَ مَا أوْحَتْ ضَمَائِرُكُمْ

تُرَاقِبُونَ وَلاَ تَرْعَونَ مَحْكُومَا

يُحَطِّمُ العَظْمُ مِنْكُمُ دُونَ بُغْيَتِكُمْ

فَمَا تَهُونُ وَيَأْبَى العَزْمُ تَحْطِيمَا

لَيسَ الإرَادَةُ إلاَّ مَنْ يَكُونُ عَلَى

رَأْيٍ وَمَنْ يَتَنَاهَى فِيهِ تَصْمِيا

مَا السِّجْنُ حِينَ يُذَادُ الخَسْفُ عَنْ وَطَنٍ

بِعَارِهِ بَاءَ في الأوْطَانِ مَوْصُومَا

يُغْنِي مِنَ الشَّمْسِ فِي أَعْمَاقِ ظُلْمَتِهِ

بَرْقٌ مِنَ الأمَلِ المَوْمُوقِ إنْ شِيمَا

عَدْنٌ عَلَى طِيبهَا لَوْ شِيبَ كَوْثَرُهَا

بِظِلِّ بَاغٍ لَعَادَ الوِرْدُ مَسْمُومَا

مَا المَوْتُ إنْ تَكُ مَنْجَاةُ البِلاَدِ بِهِ

مِنْ غَاصِبٍ وانْتِصَافُ الشَّعْبِ مَهضوما

هَذَا هُوَ العَيْشُ والقِسْطُ العَظِيمُ بِهِ

مِنْ خَالِدِ الفَخْرِ فَوْقَ العُمْرِ تَقْويما

إنَّ الفِدَاءَ لأَغْلَى مَا حَمِدْتَ لَهُ

أُخْرَى وَإِنْ كانَ فِي أُولاَهُ مَذْمُومَا

وَمَا اعْتِدَالُ زَمَانٍ لا يُقَوِّمُهُ

بَنُوهُ بِالصَّبْرِ وَالإِقْدَامِ تَقْوِيمَا

كَمْ كُبِّلَ الحَقُّ بِالأصْفَادِ من قِدَمٍ

فَلَمْ تَضِرْهُ وَرُدَّ البُطْلُ مَهْزُوما

وَسَامَ صَبْراً إلى أنْ فَازَ مُقْتَحِمٌ

يَفُكُّ شَعْباً مِنَ الضَّيْمِ الَّذِي سِيمَا

يَا سَادَةً أطْلَعَتْ مِصْرٌ بِهِمْ شُهُباً

وَاللَّيْلُ خَيَّمَ بِالأحْدَاثِ تَخْيِيمَا

فَمَا وَنَوا لِلحِمَى عَنْ وَاجِبٍ وَبَنَوْا

لِلمَجْدِ فِيهِ طِرَافاً كَانَ مَهدُومَا

أعِزَّةٌ إنْ بَدَا مِنْ فَضْلِهِمْ أَثَرٌ

فَكَمْ لَهُمْ مِنْ جَميلٍ ظَلَّ مَكْتُومَا

وَلِلفِدَى كَالنَّدَى حَالٌ مُنَزَّهَةٌ

فِي حُكْمِهَا يَنْفُسُ المَجْهُولُ مَعْلُومَا

شَارَكْتُمُ الجَارَ في خَطْبٍ ألَمَّ بِهِ

وَمَا ادَّخَرْتُمْ لِشَيْخِ العُرْب تَكْرِيمَا

كَذَا تُكَافِئُ مِصْرُ العَامِلين بِمَا

يَعْدُو الأمَانِيَّ تَمْجِيداً وَتَعْظِيمَا

أكْرِمْ بِهَا وَهْيَ تَحْنُو الرَّأْسَ هَاتِفَةٌ

تَحِيَّةً أَيُّهَا القَتْلَى وَتَسْلِيمَا