أترون فوق مناكب الأدهار

أَتَرَوْنَ فَوْقَ مَنَاكِبِ الأَدْهَارِ

شَفَقاً يَلُوحُ كَعَسجَدٍ مُنْهَارِ

حِقَبٌ دَجَتْ مِنْهَا السُّفُوحُ وَلَمْ يَزَلْ

فَوْقَ الذُّرَى مِنْهَا بَرِيقُ نُضَارِ

يَا مَغْربَ المَاضي أَمَا مِنْ آيَةٍ

فَتَعُودَ فِي سَحَرٍ مِنَ الأَسْحَارِ

هَذَا صَبَاحٌ مُقْبِلٌ مِنْ غَيْبِهِ

فَتَبَيَّنوهُ يَا أَولِي الأَبْصارِ

فَجَرُ الرَّجَاءِ بَدَا لَكُمْ وَإِزاءَهُ

شَفَقُ البَقِيَّة مِنْ عُلىً وَفَخَارِ

شِقَّانِ مُؤْتَلِفَانِ تَسْبِكُ مِنْهُمَا

تَاجاً لِمِصْرَ أَنَامِلُ المِقْدَارِ

نُجَبَاءَ مِصْرَ الثَّائِرِينَ لِعِزِّهَا

وَجَلاَلِهَا مِنْ ذِلَّةٍ وَصَغَارِ

عُلَمَاءَ مِصْرَ الرَّافِعِي أَعْلاَمَهَا

بِالفَضْلِ فِي مُتَقَاطِرِ الأَقْطَارِ

تَبْغُونَ أَنْ تَحْيَوْا وَتَحْيَا مِصْرُكُمْ

حَقَّ الحَيَاةِ وَمَا بِهَا مِنْ عَارِ

وَمِلاَكُ أَمْرِكُمُ التَّآخِي بَيْنَكُمْ

تَتَعَارَفُونَ مِنَ اسْمِهِ بِشِعَارِ

بَلَدّ تُفدِيهِ قُلوُبُ فِئَاتِهِ

هُوَ فِي مُضَاعَفَةٍ مِنَ الأَسْوارِ

خُوضُوا الغِمَارَ لِتَظْفَرُوا بِمُرَادِكُمْ

لاَ فَوْزَ إِلاَّ بَعْدَ خَوْضِ غِمَارِ

مَا شَاءَ سَعْدُ الدَّارِ أَنْ تَشْقَوْا لَهُ

فَاشْقَوْا لَهُ مَا شَاءَ سَعْدُ الدَّارِ

إِنْ شَقَّ تَرْحَالٌ فَهَذِي هِجْرَة

لا شُقَّة فِي مِثْلِهَا فَبَدَارِ

سِيرُوا تَتِمُّوا فِي الحَيَاةِ فَطَالَمَا

كَان التَّقاعُسُ مُؤْذِياً بِبَوارِ

مَا اللُّجُّ وَادَعَ أَوْ تَشَاكَسَ حَارِناً

إِلاَّ ذَلُولَ الرَّاكِبِ الْكَرَّارِ

مَا البَرُّ أَنْجَدَ أَوْ أَغَارَ بِجَائِبٍ

إِلاَّ سَلِيبَ خُطىً وَنَهْبَ قِطَارِ

رَكْبُ النَّجاةِ اسْتَطْلِعُوا لِبِلادِكُمْ

فِي الغَرْبِ كُلَّ مَطَالِعِ الأَنْوَار

هُزُّوا مَنَابِرَهُ بِعَالِي صَوْتِكُمْ

حَتَّى يَرِنَّ صَدَاهُ فِي الأَقْطَارِ

أَنْتُمْ جُنُودُ السِّلمِ رُسْلُ جِهَادِهِ

أَنْتُمْ أَشِعَّة مِصْرَ فِي الأَمْصارِ

أَنْتُمْ أَشِعَّة حَزْمِهَا شَفَّافَةً

عَنْ حُزْنِهَا وَالنُّورُ بَثُّ النَّارِ

أَلعَدْلُ إِن يُقْصَدْ فَأَيْنَ مَكَانُهُ

فِي نُكْرِ مَعْرِفَةٍ وَغَصْبِ جِوَارِ

أَلرَّأْيُ تَكْمدُ شَمْسُهُ فِي مَوْطِنٍ

مُتَنَاقِضِ الإِعْلاَنِ وَالإِسْرَارِ

أَلخَيْرُ تُفْقَدُ سُبْلُهُ فِي مَجْمَعٍ

مُتَعَارِضٍ الإِقْبَالِ وَالإِدْبَارِ

إِنِّي لَمُغْتَبِطٌ بِعَزْمِ كِبَارِكُمْ

وَهُوَ الحَقِيْقُ بِغَايَةِ الإِكْبَارِ

وَأَقُولُ لِلْمُزْرِي بِسِنِّ صِغَارِكُمْ

لَيْسَ العَظِيمُ هُمُومُهُمْ بِصِغَارِ

لَسْتُمْ غُلاَةً خَالَ ذَلِكَ مِنْكُمُ

مَنْ لَمْ يَخَلْكُمْ مِنْ ذَوِي الأَخْطَارِ

لَيْسَ الَّذِي تَبْغُونَهُ مِنْ مَطْلَبٍ

إِلاَّ أَحَقَّ مَطَالِبِ الأَحْرَارِ

أَمُهَاجِرِي أَرْضَ الكِنَانَةِ إِنَّكمْ

وَجَمِيعَ مَنْ فِيهَا مِنَ الأَنْصَارِ

امْضُوا دُعَاةً لِلهُدَى وَاسْتَنْصِفُوا

بِالحَقِّ لِلْبَلَدِ العَزِيزِ الْجَارِ

كُونُوا الشُّهودَ لَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ

بِرُجُوعِ شَمْسِ نَهَارِهِ المُتَوَارِي