أجاب الشعر حين دعا الوفاء

أَجَابَ الشَعْرُ حِينَ دَعَا الوَفَاءُ

وَكَانَ إِذَا دَعَوْتُ بِهِ إِبَاءُ

فَإِنْ يَعْجَزْ بَيَانِي حَيْثُ فَنِّي

فَلَيْسَ بِعَاجِزٍ حَيْثُ الَولاَءُ

نَجِيبٌ وَهْوَ مَا هُوَ فِي وَدَادِي

وَإِجْلاَلِي أَيُخْطِئُهُ الثَّناءُ

أَحَقُّ فَتَىً بِمَا تَصِفُ القَوَافِي

فَتىً فِيهِ الشَّجاعَةُ وَالحَيَاءُ

لأَحْمَدِ فِي المَفَاخِرِ كُلِّ بِكْرٍ

مِنَ الخَفِرَاتِ نَمَّ بِهَا الضِّيَاءُ

سَرِيٌّ مِنْ سُرَاةٍ حُبَّ فِيهِ

ثَرَاءُ الخَلْقِ يَدْعَمُهُ الثَّرَاءُ

أَدِيبُ يُبْرِزُ المَعْنَى مُصَفًّى

بِلَفْظٍ لاَ يُشَابُ لَهُ صَفَاءُ

خَطِيبٌ تَنْهَلُ الأَسْمَاعُ مِنْهُ

مَنَاهِلَ لِلْنُّفوسِ بِهَا شِفَاءُ

وَلِيُّ مَنَاصِبٍ لَمْ تُنْسَ فِيهَا

مَآثِرُهُ الإِدَارَةُ وَالقَضَاءُ

وَزِيرٌ لَمْ تُرَنِّحهُ المَعَالِي

وَلَمْ يَأْخُذْهُ بِالجَّاهِ إِنْتِشَاءُ

أَدَارَ وَزَارَتَيْهِ فَلَمْ تَفِتْهُ

مَعِ الحَزْمِ العَزِيمَةُ وَالمَضَاءُ

وَأَشْهَدُ مَكْبِريهِ كَيْفَ تُؤْتَى

ثِمَارُهُمَا الحَصَافَةُ وَالفَتَاءُ

إِذَا مَا ازْدَادَ مَجْداً زَادَ لُطُفاً

وَمَا فِي اللُّطْفِ خَبٌّ أَوْ رِيَاءُ

تَوَاضُعُ مَنْ عَلاَ فِي النَّاسِ أَحْجَى

وَللهِ العَظِيمِ الكُبْرِياءُ

مَتَى تَسَلِ المَعَارِفَ عَنْهُ يُنْبِيءُ

بِمَا فَعَل الثَّقاتُ الأَوْفِيَاءُ

مَدَارِسُ أُصْلِحَتْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ

فَعَاوَدَهَا التَّرَعْرُعُ وَالنَّماءُ

فُنُونُ ثَقَافَةٍ رُعِيَتْ وَصِينَتْ

فَزَالَ الرِّيبُ وَانْتَعَشَ الرَّجَاءُ

بَرَامِجُ قُوِّمَتْ مِنْ حَيْثُ آوَتْ

فآبَتْ لاَ مُحَالُ وَلاَ التَوَاءُ

مَتَى تَسَلِ التِّجَارَةَ عَنْهُ تَعْلَمْ

هُنَالِكَ مَا تَقَاضَاهُ الدَّهَاءُ

وَمَا سَيَكُونُ مِنْهَا حَظُّ مِصْرٍ

وَقَبْلاً حَظُّها مِنْهَا هِبَاءُ

مَتَى تَسَلِ الصِّناعَةَ تَدْرِ أَنِّي

تَصَرَّفَ فِي مَعَاضِلِهَا الذَّكَاءُ

وَهَيِّأ فِي الحِمَى عَيْشاً رَغِيداً

لَقَوْمٍ كَانَ حِلْفَهُمْ الشَّقاءُ

يُعِيدُ إِليَّ هَذَا اليومُ ذِكْرَى

لَهَا فِي أَحْسَنِ الذِّكَرِ البَقَاءُ

ذَخِيرةُ مَصْرَ جَامِعَةُ حَقِيقٍ

بِهَا رِفَقُ الوِلاةِ وَالاعْتِنَاءُ

تَجَنَّى حَادِثٌ جَلَلٌ عَلَيْهَا

وَنَابَ عَنِ الوَلاءِ لَهَا العِدَاءُ

صُروحٌ لَمْ تَكَدْ تَعْلُو ذُرَاهَا

وَجُدْرٌ لَمْ يَجِفَّ لَهَا طلاَءُ

تَغَلْغَلَ فِي حَنَايَاهَا التَّنَابِي

وَخَيَّم فِي زَوَايَاهَا العَفَاءُ

وَيَدْعُو العِلْمُ صُونُوهَا تَصُنْكُمْ

فَمَا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ دُعَاءُ

إلى أَنْ عَالَجَ الفَتْحَ المُرَجَّى

صبُورٌ لاَ يَخِيبُ لَهُ بَلاَءُ

إِذَا اسْتَعْصَى مُرَامٌ لُجَّ فِيهِ

وَلَمْ يَقْعُدْ بِهِمَّتهِ العَنَاءُ

فَظَلَّ مُكَافِحاً حَتَّى وَقَاهَا

وَشَاءَ اللهُ فِيهَا مَا يَشَاءُ

بَنَى اسْتِقْلاَلَهَا سُوراً مَنِيعاً

وَلاسْتِقْلاَلِ أُمَتِهِ البِنَاءُ

وَلَمْ يَكْرِثْهُ مَا لاَقَاهُ فِيهَا

كَذَاكَ يَكُونُ لِلْوَطَنِ الفِدَاءُ

فَتَى الفِتْيَانِ إِقْدَاماً وَعِلْماً

وَمَا هُمْ في مَجَالِهِمَا سَوَاءُ

إِذَا أُكْرِمْتَ وَالحَفَلاَتُ شَتَّى

فَذَلِكَ شَكْرُ مِصْرَ وَلا مِرَاءُ