أنت مصر تستعطي بأعينها النجل

أَتَتْ مِصرَ تَسْتَعْطِي بِأَعْيُنِهَا النُّجْلِ

وَعرْضِ جمَالٍ لاَ يُقَاسُ إِلَى مِثْلِ

غَرِيبَة هَذِي الدَّارِ بادِيَة الذُّلِّ

جَلتْ طِفْلَةً عَنْ مَوْطِنٍ نَاضِبٍ قَحْل

فَلاَخِيَّةٌ مَا درَّهَا ثَدْيُ أُمهَا

سِوى ضَعْفِهَا البادِي علَيْهَا وهمِّها

وَلَمْ تَتَناوَلْ مِنْ أَبِيهَا سِوَى اسْمِهَا

وَمَا أَحْرزَتْ مِنْ أَهْلِهَا غَيْرَ يُتْمِهَا

فَكَانَت كَنَامِي الغَرْسِ يَزْكُو وَيَنْضُرُ

وَمَطْعَمُهُ طِينٌ وَمَسْقَاهُ أَكْدَرُ

يُحِيطُ بِهَا دَوْحَانِ شَيْخٌ مُعَمِّرٌ

وَأُمٌ عَجُوزُ القِشْرِ وَاللبُّ أَخْضَرُ

فَمِنْ صُبْحِها تَسْعى لِجَنْيٍ ومُكْتَدى

وفِي لَيْلِهَا تَقْضِي الَّذِي يُبتَغَى غَدَا

كَمَا كَانَ عَبْدُ الرِّقِّ جِنْحاً وَمُغْتَدَى

يُوَاصِلُ مَسْعَاهُ لِيَخْدُم سيِّدَا

قَضَتْ هَكَذَا بَيْنَ الأَسَى وَالمتَاعِبِ

صِباها وَلَمَّا تَغْدُ بين الكَوَاعِبِ

فَصَحَّتْ كَنَبْتِ الطَّوْدِ بَيْنَ المعَاطِبِ

وَمَدَّتْ إِلَى حيْثُ الثَّرى غَيْرُ نَاضب

فَيا لَقوَى التَّمْكِينِ فِي جِسْمِ سَالِمِ

يُقَاوِمْن دُونَ العُمْرِ كُلَّ مُقَاوِمِ

يُجَاذِبْنَ بِالأَوْرَاقِ دَرَّ الغَمَائِمِ

يُهَابِطْن بِالأَعْراقِ ذَرَّ المَنَاجِمِ

يَمُرُّ بِهَا عهْدُ الصِّبا وَالتَّدَلُّلِ

عَلَى شَظَفٍ فِي عيْشِهَا وَتَذَللِ

وَكَمْ جُرِّعَتْ مِنْ صَبْرِهَا كَأْس حَنْظَلِ

وَكَمْ نَالَهَا صَرْفٌ مِنْ الدَّهْرِ مُبْتَلي

وكَمْ ضَاجَعَ الجُوعُ الأَثِيمُ بَهَاءَهَا

فَقَبَّلَهَا حَتَّى أَجَفَّ دِمَاءَهَا

وكَم سَاعَفَ الحَر المُذِيب شَقَاءَهَا

وكَمْ نَازَعَ البَرْدُ الشَّدِيدُ بَقَاءَهَا

أَنَرْنَ نُهَاها فِي اعْتِكَارِ التَّجَارِبِ

بِنِيرَانِهِنَّ المُحْرِقَاتِ الثَّوَاقِبِ

صُغْنَ لَهَا مِنْ فَحم تِلْكَ الغَيَاهِبِ

ذَكَاءً مِن الماسِ المُضِيءِ الجَوَانِبِ

دَعاهَا بِلَيْلَى والِدَها لِتُنْكَرَا

وَهَلْ كَانَ صَوْناً لاسْمِهَا أَنْ يُغَيَّرَا

عَلَى أَنهَا كَانَتْ مِثَالاً مُصَوَّرَاً

تَصَوَّرَ مِنْ مَاءِ الجمَالِ مُقَطَّرا

يُسرُّ بِمرْأَى حُسْنِها كُلُّ سَابِلِ

فَينْفَحُهَا مِنْ مَالِهِ غَيْرَ بَاخِلِ

وكَمْ مُدْقِعٍ مِنْ شِدَّةِ الفَقْرِ سَائِلِ

يَرُدُّ يَدَيْهِ لا يَفوزُ بِنَائِلِ

تَحنُّ إِلى الصُّقْعِ الَّذِي لَمْ يَبَرَّهَا

وجَرَّعَهَا صَابَ الحَيَاةِ وَمُرَّهَا

نَأَتْ ونَأَى أَتْرَابُهَا عَنْهُ كُرَّهَا

وَلَكِنْ هِي الأَوْطَانُ نَحْمَدُ ضُرَّهَا

عَلَى أَنَّهُ صُقْعٌ شَحِيحُ الجدَاوِلِ

عَقِيمُ الثَّرَى لَكِنَّهُ جِدُّ آهِلِ

جَدِيبٌ خَصِيبٌ بِالبطُونِ الحَوَامِلِ

وَما تَقْذِفُ الأَمْوَاجُ فِي متْنِ سَاحِلِ

يُعِدُّ بَنِيهِ لِلتَّبَارِيحِ وَالفَنا

إِذَا لَمْ يَرُودُوا كُلَّ أُفْقٍ مِنَ الدُّنَى

فَيَتَّخِذُونَ التِّيهَ فِي الأَرْضِ مْوطِنَا

وَهُمْ كَالدَّبَى الغَرْثَى نُفُوساً وَأَبْطُنَا

فَلاَ تُنْكِرُ الأَزْوَاجُ بَغْيَ نِسائِهَا

وَلاَ تكْبِرُ الزَّوْجَاتُ خَلْع حيَائِها

ووُلْدٍ خَلَتْ آبَاؤُهَا عَنْ إِبَائِهَا

تُسَاوَمُ فِي حُسنِ الوُجُوهِ وَمَائِهَا

كَذَا أُدِّبَتْ لَيْلَى فَطِيماً وعَالَهَا

ذَوُوهَا لِيُضْحُوا بَعْدَ حِينٍ عِيَالَهَا

فَتُطْعِمِهُمُ مِنْ خِزْيِهَا مَا جُنَى لَهَا

وَتَكْسُوهُمُ مِمَّا تُعرِّي جَمالَها

ولَكِنّ فِي نَفْسِ الصَّغِيرِ المَسَاويَا

يُمَاثْلنَ بِالحُسْنِ الخِصالِ الزَّوَاهِيا

كَأَوَّلِ نَبْتِ الحَقْلِ يَجْمُلُ نَامِيَا

وَلاَ تَفْرُقُ العينُ الغَرِيب المُضَاهِيَا

فلَمْ يَكُ فِي لَيْلَى سِوَى مَا يُحَبِّبُ

بِهَا مِنْ مَعَانِيهَا الجِيَادِ وَيُعجِبُ

وَكَانَتْ علَى الأَيَّامِ تَنْمُو وَتَعذُبُ

كَمُثْمِرَةِ الأَغْصَانِ والصَّقْعُ طَيِّبُ

إلَى أَنْ غدَتْ فِي أَعيُنِ المُتَوسِّمِ

تنِيرُ كَنُورِ الشَّارِقِ المُتَبسِّمِ

مُنَعَّمةَ الأَعطَافِ لاَ عنْ تَنَعُّمِ

مُتَمَّمةٌ أَوْصَافُهَا لَمْ تُتَمَّمِ

ضرُوبُ جَمالٍ لَوْ رَأَتْهَا أَميرَةٌ

رَأَتْ كَيْف تَعْلُوهَا فَتَاةٌ حَقِيرةٌ

وَكَيْفَ حَوَتْ جَاهَ المُلُوكِ فَقِيرَةٌ

مُضَوَّرَةٌ مِمَّا تجُوعُ جدِيرةٌ

بَهَاءٌ بِهِ يَسْمُو عَلَى الجَاهِ فَقْرُها

وَعُرْيٌ بِهِ يُزْرِي الجَواهِرَ نَحْرُهَا

وثَوْبٌ عتِيقٌ إِنْ فَشَا مِنْهُ سِرُّهَا

أَبَاحَ لِلنَّوَاظِرِ صَدْرُهَا

ورَأْسٌ إِذَا مَا زَانَهُ تَاجُ شَعْرِهَا

فَأَشْرَفَ مِنْ عَرْشٍ غضَاضَةُ قَدْرِها

وقَدْ تَشْتَرِيهِ ذَاتُ تَاجٍ بِفَخْرِهَا

وتَرضَى بِهِ تَاجاً كَرِيماً لِفَقْرِها

وَقال أَبُوها يَوْمَ تَمَّ شَبَابُهَا

وَحِيكَ لَهَا مِنْ نُورِ فَجْرٍ إِهَابُهَا

أَيَا أُمَّ لَيْلَى حَسْبُ لَيْلَى عَذَابُهَا

تَوفَّرَ مَسْعَاهَا وَقَلَّ اكْتِسَابُهَا

أَراهَا أصحَّ الآنَ حسْماً وَأَجْمَلاَ

فَحَتَّامَ لاَ نَجْنِي جنَاهَا المُؤَمَّلاَ

نَمَتْ ونُمُوُّ الفَقرِ يَأْتِي مُعَجَّلاَ

وَلَمْ أَرَ فِي الإِعْسَارِ كَالحَانِ مَوْئِلاَ

فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ شَدِيدٌ دَهاؤُها

سَخِيٌّ مآقِيهَا سَرِيعٌ بُكَاؤُهَا

بُنَيَّةٌ هَذِي الحَالُ أَعْضَلَ دَاؤُهَا

وَأَنْتِ لَنَا دُونَ الأَنَامِ دَوَاؤُهَا

فَقَالَتْ أَشِيرِي يَا أُمَيْمَةُ إِنَّنِي

لَفَاعِلَةٌ مَا شِئْتِهِ فَأْمُرَنَّنِي

وَما تُؤْثِرِيهِ أَحْتَرِفْهُ وَأُتْقِن

وَكُلُّ الَّذِي فِيهِ رِضَاكِ يَسُرُّنِي

فَقَالَتْ لَهَا إِنَّا نَرَى لَكِ مِهْنَةً

تُعِيدُ عَلَيْنَا نِقْمَةَ العيشِ مِنَّةً

تَكُونِينَ فِيهَا لِلنَّوَاظِرِ جَنَّةً

وَلِلشَّارِبِينَ المُسْتَهَامِينَ فِتْنَةً

لَخَيْرٌ لَهَا يَا أُمَّهَا العُدْمُ وَالطَّوى

مِن السَّعْدِ تُهْدِيهِ إِلَيْهَا يدُ الهَوَى

وَأَوْلَى بِهَا مِنْ أَنْ تُذَالَ فَتَصْفُوَا

مُعانَاةُ هَمِّ نَاصِبٍ يُوهِنُ الْقُوى

كَذَلِكَ نَاجَاهَا الضَّمِيرِ مُؤَنِّباً

وَلَكِنَّ جُوعَ النَّفْسِ فِيهَا تَغَلَّبَا

فَرَدَّ إِلى الصَّمْتِ الضَّمِيرِ مُخَيَّبَا

وَأَلْقَى بِتِلْكَ البِنْتِ فِي أَوَّلِ الصِّبَا

فَمَرَّ بِهَا فِي حَانَةٍ نَفَرٌ أُولُو

مُجُونٍ دَعَتْهُمْ بِالرُموزِ فَأَقْبَلُوا

وَحَيَّوا فَحَيَّتْهُمْ وَفِيهَا تَدَللُ

فَقَالَ فَتىً ما لِلْمَلِيحَةِ تخْجَلُ

تَسَمَّينَ يَا حَسْنَاءُ قَالَتْ تَحَبُّباً

أَنَا اسْمِيَ لَيْلَى هَلْ تَرَى اسْمِيَ مُعْجِبَا

فَقَالَ لَئِنْ أَنْشَدْتِهِ الصَّخْرَ أَطْرَبا

بِرِقَّةِ هَذَا الصَّوْتِ أَوْ رَاهِباً صبا

وَقَالَ فَتىً مَا شَاءَ رَبُّكِ أَحْكَمَا

جَمَالَكِ يَا لَيْلَى فَجَاءَ مُتَمَّمَا

رأَيْتُ وَلَكِنْ لاَ كَثَغْرِكِ مَبْسِمَا

وَلاَ مِثْلَ هَذِي العَيْنِ تُرْوِي عَلَى ظَمَا

فَلَمَّا سَقَتْهُمْ قَالَ نَشْوَانُ يَمْزَحُ

أَتَسْقِينَنَا رَوْحاً وَجَفْنُكِ يَذْبَحُ

وَمَدَّ يَداً مِنْهُمْ فَتًى مُتَوَقِّحُ

إِلَيْهَا فَجَافَتْ ثُمْ صَافَتْ لِيَسْمَحُوا

وَقَالَتْ بِتُولٌ فَارْقُبُوا اللهَ وَاتَّقُوا

وَلَكِنْ أَشَارَ اللَّحْظُ أَنْ لاَ تُصَدِّقُوا

فَأَضْحَكَهُمْ هَذَا العَفَافُ المُلَفَّقُ

وَقَالَ فَتًى شَأُنُ الرَّحِيقِ يُعَتَّقُ

فَتَابَعَهُ ثَانٍ وَقَالَ تَفَنُّنَا

أَمَا زِلْتِ بِكْراً بِئْسَمَا الدَّيْرُ هَهُنَا

وَلَكِنَّهَا الأَثْمَارُ تُخْلَقُ لِلْجَنَى

وَإِلاَّ فَغُبْنٌ أَنْ تَطِيبَ وَتَحْسُنَا

وَعَقَّبَ مَزَّاحٌ بِأَدْهَى وَأَغْرَب

أَأُخْبِركُمْ ما البكْرُ فِي خَيرِ مَذْهَبِ

هِيَ الكَأْسُ فَارْشِفْ مَا تَشَاءُ وَقَلِّبِ

فإِنْ هِيَ لَمْ تُعْطَبْ فَلَسْتَ بِمُذْنِبِ

وَكَانَ رَفِيقٌ مِنْهُمُ مُتَأَلِّمَا

يَرَى آسِفاً ذَاكَ الدِّعَابَ المُذَمَّمَا

وَتِلْكَ الفَتَاةَ البِكْرَ خلَقاً مُثَلَّمَا

وَعِرْضاً غَدَا تَثْلِيمُهُ مُتَحَتِّمَا

لَئِنْ جَازَ مَسُّ البِكْرِ أَوْ سَاغَ لَثْمُها

بِلاَ حَرَجٍ مَا دَامَ يُؤْمَنُ ثَلْمُهَا

فَلِمْ زَهْرَةُ الرَّوْضِ الَّتِي هِيَ رَسْمُهَا

إِذَا ابْتُذِلَتْ جَفَّتْ وَلَوْ صِينَ كِمُّهَا

أَيَا لَيلُ هَلْ تَصْفُو وَتَطْلُعُ أَنْجُمَا

لِتُقْذَى بِأَرْجَاسِ الوَرَى أَعْيُنُ السَّما

وَيَا زَمَناً قَالُوا بِهِ الرِّقُّ حُرمَا

عَلامَ أُبِيحَ الطِّفْلُ لِلْجُوعِ وَالظَّمَا

أُصَيْبِيَةٌ جَاؤُوا المَكَانَ لِيَسْهَرُوا

وَقَدْ أَجْلَسُوهَا يَسْكَرُونَ وَتَسكَرُ

فَلَمَّا نَفَى اللُّبَّ الشَّرَابُ المُخَمَّرُ

تَمَادَوْا بِهَا فِي غَيِّهِمْ وَتَهَوَّرُوا

فَهَذَا مُعاطِيَهَا وَذَاكَ مُدَاعِبُ

وَهَذَا مُدَاجِيهَا وَذَاكَ مُشَاغِبُ

وَهَذَا مُرَاضِيَهَا وَذَاكَ مُغَاضِبٌ

وَهَذَا مُبَاكِيهَا وَذَاكَ مُلاَعِبُ

يُحَاوِلُ كُلٌّ أَنْ يَزِيغَ فؤَادُهَا

وَكلُّ يُرَجِّي أَنْ يَضلَّ رَشَادُهَا

يَرُومُونَ مِنْهَا أَنْ تُبِيحَ وِسَادَهَا

وَيَبْغُونَ طُرّاً بَغْيَهَا وَفَسَادَهَا

ذِئَابٌ تُدَاجِي نَعْجَةً لافْتِرَاسِهَا

وَتَرْقُبُ مِنْهَا فُرْصَةً لاخْتِلاَسِهَا

وَلَكِنَّهَا رَدَّتْهُمُ عَنْ مِسَاسِهَا

تُبَالِغُ فِي تَشْوِيقِهِمْ بِاخْتِبَاسِها

فَمَا هِيَ مِنْهَا فِي الطَّهَارَةِ رَغْبَةٌ

وَلاَ هِيَ مِنْ فَقْدِ البَكَارَةِ رَهْبةٌ

وَلَكِنَّهُ عِلْمٌ لَدَيْهَا وَدُرْبةٌ

كَمَا أَبَوَاهَا أَدَّبَاهَا وَعُصْبَةٌ

تَصِيدُ لُهَى عُشَّاقِهَا بِاخْتِيَالَهَا

وَتَبْتَزُّ مِنْهَا أُمُّهَا فَضْلَ مَالِهَا

فَتُنْفِقُهُ فِي رَوْحِهَا وَدَلاَلِهَا

وَتَقْنِي الحِلَى مُعَتَاضَةً عَنْ جَمَالِهَا

أَعَدْلاً يُبَاهِي عَصْرُنَا زَمَناً خَلاَ

وَقَدْ عُوِّدَ الأَطْفَالُ فِيهِ التَّسَوَّلاَ

وَسِيمَتْ بِهِ الأَبْكَارُ سَوْماً مُحَلَّلاَ

وَبَاعَتْ نِسَاءٌ وُلْدَهَا وَاشْتَرَتْ حِلَى

عَلَى هَذِهِ الحَالِ الشَّدِيدِ نَكِيرُهَا

نَمَا الحُسْنُ فِي لَيْلَى وَمَاتَ ضَمِيرُهَا

فَجِسْمٌ كَمِشْكَاة يَعِزُّ نَظِيرُهَا

بِإِتْقَانِهَا لَكِنْ خَبَا الدَّهْرَ نُورُهَا

فَلَمَا اسْتَوَى شَكْلاً رَبِيعُ الصَّبَا بِهَا

وَشَبَّ عَنِ الأَكْمَامِ زَهْرُ شَبَابِهَا

وَأَنْكَرَ زَهواً مَا مَضَى مِنْ عَذَابِهَا

وَمَا هِيَ إِلاَّ دِمْنَةٌ لَكِنِ اكْتَسَى

ثَرَاهَا مِنَ النَّبْتِ المُزَوَّرِ مَلْبَسَا

وَيَسْطَعُ مِنْهَا الطِّيبُ لَكِنْ مُدَنَّسَا

وَفِي نَوْرِهَا تَنْمُو الرَّذَائِلُ وَالأَسَى

تَكَامَلَ فِيهَا الحُسْنُ وَالمَكْر أَجْمَعَا

كَأَنَّهُمَا صِنْوَانِ قَدْ وُلِدَا معا

وَدَرَّهُما ثَديٌ لأُمٍ فَأُرْضِعَا

وَشَبَّا بِحِجْرٍ وَاحِدٍ وَتَرَعْرَعَا

فَلَوْ زُرْتَهَا مَمْلُوءَةَ النَّهْدِ مُعْصِرَا

لأَبْكَاكَ مَا سَاءَتْ خِصَالاً وَمخْبَرَا

وَسَرِّكَ مَا شَاقَتْ جَمالاً وَمَنْظَزَا

وَقُلْتَ أَلَيْلَى هَذِهِ وَبِهَا أَرَى

نَعَمْ هِيَ لَيْلَى لَكْنِ الآنَ تَكْذِبُ

وَيَكْذِبُ مِنْهَا الحَاجِبُ المُتَحَدِّبُ

وَيَكْذِبُ فِيهَا قَلْبُهَا المُتَقَلِّبُ

وَيَكْذِبُ مِنْ بُعْدٍ شَذَاهَا المُطَيَّبُ

وَتَكْذِبُ فِي مِيْلاَدِهَا وَوَلاَئِها

وَتَكْذِبُ فِي مِيعَادِهَا وَرَجَائِهَا

وَزُرْقَةِ عَيْنَيْهَا وَبَرْدِ صَفَائِهَا

وَحُمْرَةِ خَدَّيْهَا وَوَرْدِ حَيَائِهَا

وُتُخْلُقُ زُوراً فِي المَحَاجِرِ أَدْمُعَا

وَتُنْشِيءُ لَوْناً لِلْحَيَاءِ مُصَنِّعَا

وَتَنْسُجُ لِلتْمْوِيهِ فِي الوَجْهِ بُرْقُعَا

وَتَبْكِي كَمَا تَفْتَرُّ فِي لَحْظَةٍ مَعَا

تخَاطِبُ كُلاًّ بِالَّذِي فِي ضَمِيرِهِ

لِمَا هِيَ تَدْرِي مِن خَفِيِّ أُمُورِهِ

وتُعْجِبُهُ فِي حُزْنِهِ وَسُرُورِهِ

وَتَصْطَادُهُ لُطْفاً بِفَخً غُرُورِهِ

حَوَى سِيَراً مِنْ كُلِّ ضَرْبٍ فُؤَادُهَا

بِهَا يَهْتَدِي سُبْلَ الخِدَاعِ رَشادُهَا

وَيَقوَى عَلى ضَعْفِ القُلُوبِ وِدَادُهَا

فَلا تَنْثَنِي حَتَّى يَتِمّ مُرَادُهَا

يُحَدِّثُهَا كُلٌّ بِأَمْرٍ تَجَدَّدَا

وَيُفْشِي لَهَا أَسْرَارَهُ مُتَوَدِّدَا

وَمَا يَكْشِفْ البَدْرُ الظَّلاَمَ إِذَا بَدَا

كَمَا تَكْشِفُ الأَسْرَارَ لَيْلَى وَمَا الصَّدَى

وَكَمْ تَصْطَبِي ذَا غِرَّةٍ لا يَخَالُهَا

مُحَصَّنَةً بِكْراً وَذِي الحَالُ حَالُهَا

فَيُغْوِيهِ فِيهَا أُنْسُهَا وَابْتِذَالُهَا

وَيَسْخُو عَلَيْهَا مَا يَشَاءُ احْتِيَالهَا

أَلَيْسَ صَفَاءُ البِكْرِ فِي أَوَّلِ الصبا

كَقَطْرِ النَّدَى يَحْلَى بِهِ زَهْرُ الرُّبَى

فَإِنْ يَسْتَحِلْ ذَاكَ الصَّفَاءُ تَلَهبا

فَلاَ عَجَبٌ أَنْ تُحْسَبَ البِكْرُ ثَيِّبَا

وَكَمْ مِنْ سَرِيٍّ مُولَعٍ بِالتَّعَفَّفِ

سَبَتْ بِالحَيَاءِ الكَاذِبِ المُتَكِلَّف

وَدَاجَتْ فَصَادَتْ بِالمَقَالِ المُلَطَّفِ

وَبِالتِّيهِ حَيْثُ التِّيهُ مَحْضُ تَزَلُّفِ

إِذَا مَا البَغِيَّاتُ احْتَشَمْنَ ظَوَاهَرا

وَجَارَيْنَ فِي آدَابِهِنَّ الحَرَائِرَا

وَكُنَّ جَمِيعاً كَالنُّجُومِ سَوَافِرَا

فَأَيُّ حَكِيمٍ يَسْتَبِينُ السَّرَائِرَا

عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرْضَ عَنْ مُسْتَقَرِّهَا

وَكَانَتْ تُنَاجِيهَا أَمَانِيُّ سِرِّهَا

بِأَنْ تَتَوَلَّى عَاجِلاً فَكَّ أَسْرِهَا

فَإِنْ وُفِّقَتْ بِإِعْلاءِ قَدْرِها

وَكَانَ فَتىً طَلْقُ المُحَيَّا جَمِيلُهُ

وَلَكِنَّهُ نَذْلُ الفُؤَادِ ذَلِيلُه

يَمِيلُ إِلَيْهَا وَهْيَ لاَ تَسْتَمِيلُهُ

فَيَزْدَادُ فِيهِ غَيْظُهُ وَغَلِيلُهُ

وَكَانَ كَثِيراً مَا يَوَد خِطَابَهَا

فَتُصْغِي إِليْهِ وَهْيَ تَحسُو شَرَابَهَا

فَإِنْ مَلأَتْ مِمَّا يَقُولُ وِطَابَهَا

تَوَلَّتْ وَكَانَ الصَّدُّ عَنْهُ جَوَابَها

وَظَلَّ يُوَافِي فِي المَوَاعِيدِ زَائِرَاً

فَيَحْسُوا الظِّلَى جَمْراً وَيُرْوِي النَّوَاظِرَا

يُخَالِسُهَا نِيَّانِهَا وَالسَّرَائِرَا

لَطِيفاً لِمَا يَبْغِي عَلَى الذُّلِّ صَابِرَا

فَآلَى لَهَا يَوْماً بِأَنْ يَتَأَهَّلاَ

بِهَا فَأَصَابَ الوَعْدَ مِنْهَا المُؤَمَّلاَ

فَقَالَتْ كَفَانِي خِدْمَةً وَتَبَتُّلاَ

وَذِي نِعْمَةٌ أَرْقَى بِهَا سُلَّمَ العُلَى

فَأَبْدَتْ لَهُ الإِقْبَالَ بَعْدَ التَّبَرُّمِ

وَلَكِنْ أَطَالَتْ خُبْرَهُ خَوْفَ مَنْدَمِ

فَقَالَتْ لَهَا النَفْسُ الطَّمُوعُ إِلى كَمِ

تَظَلاَّنِ فِي مُشْقٍ مِنَ الرَّيْبِ مُؤِلمِ

فَلَمْ أَرَ أَهوَى مِنْ جَمِيل وَأَطْوَعَا

فًؤَاداً وَلاَ وَجْهاً أَحَبَّ وَأَبْدَعَا

فَتّى لَكِ يًهْدِي قَلْبَهً وَاسْمَهُ مَعَا

فَإِنْ طَالَ المَطْلُ مِنْكِ تَطَلَّعَا

فَخَامَرَ لَيْلَى الخَوْفُ ثُمَّ تَحَوَّلاَ

إِلى غَيْرَةٍ وَالغَيْرَةُ انْقَلَبتْ إِلى

غَرَامٍ فَمَا تَلْوِي عَلَى أَحَدٍ وَلاَ

تُكَاشِفُ بِالحُبِّ النَّزِيهِ مُؤَمِّلاَ

وَمِنْ نَكَدِ المَخْدُوعِ أَنَّ زَمَانَهُ

يُسَخِّرُ لِلَّخِلِّ المُدَاجِي أَمَانَهُ

فَإِذْ يَرْعَوِي المُغْرَى وَيَلْوِي عِنَانَهُ

يَكُونُ المُدَاجِي قَدْ أَذَاهُ وَخَانَهُ

أَصَمَّ الهَوَى لَيْلَى وَأَعْمَى ذَكَاءَهَا

وَرَدَّ عَلَيْهَا كَيْدَهَا ودَهَاءَهَا

فَمِنْ نَفْسِهَا نَالَتْ وَشِيكاً جَزَاءَهَا

وَمُشْقِي الوَرَى مِنْهَا أَنَمَّ شَقَاءَهَا

وَلَيْلَةً أُنْسٍ زَارَهَا مِنْ صِحَابِهَا

فَرِيقٌ بَغَوْا أَنْ يَكْشِفُوا سِرَّ مَا بِهَا

فَدَارَ حَدِيثٌ بَيْنَهُمْ فِي عِتَابِهَا

لإِعْرَاضِهَا عَنْ صَحْبِهَا وَانْقِلاَبِهَا

فَخَالَتْهُمُ يَهْجُونَهُ لِمَارِبِ

وَيُتْهَمُ مَحْضُ النُّصْحِ في فَمِ ثَالِب

أَتَى يَتَهَادَى بَيْنَ جَيْشِ مَعَايِبِ

فَفَارَقَتِ الحُضَّارَ طُرَّاً وَأَقْبَلَتْ

عَلَيْهِ وَفِي أَحْشَائِهَا غِلَّةٌ غلَتْ

وَفِي وَجْنَتَيْهَا حُمْرَةٌ كَاللَّظَى عَلَتْ

فَحَيَّتْهُ بِالبِشْرِ الطَّلِيقِ وَأَغْفَلَتْ

أَهَذَا الَّذِي فِيهِ المَلاَمُ يَرِيبُهَا

وَفِي حُبِّهِ سَعْدُ الحَيَاةِ وَطِيبُهَا

هُمُ بُغْضَاءٌ وَالحَبِيبُ حَبِيبُهَا

وَهُمْ بُلَهَاءٌ لا جَمِيلَ خَطِيبُهَا

وَكَانَ مِنَ الجُلاَّسِ أَشْيَبُ مُغْرَمُ

تَصَبَّتْهُ عِشْقاً وَهْوَ قَدْ كَادَ يَهْرَمُ

فَقَالَ إِلى كَمْ نَحْنُ نُعْطِي وَنُنْعِمُ

لِيَحْظَى بِهَا قَوْمٌ سِوَانَا وَيَنْعَمُوا

دَعَاهَا فَجَاءَتْهُ تجِيبُ تَلَمظَا

فَأَنْحَى عَلَيْها بِالمَلاَمِ وَأَغْلَظَا

إلَى أَنْ جَرَتْ مِنْهَا الشُّؤُونُ تَغَيُّظا

فَثَارَ جَمِيلٌ يَقْذِفُ السمَّ وَاللَّظَى

وَبَارَزَهُ حَتَّى التُّرَابُ تَخَضَّبَا

فَفَازَ عَلَى الشَّيْخِ الفَتَى مُتَغَلِّبَا

وَأَشْبَعَهُ ذُلاًّ لِكَيْ يَتَأَدَّبَا

وَعلَّمَهُ أَيْنَ التَّصَابِي مِنَ الصِّبَا

فَلَمَّا رَأَتْ تِلْكَ الحَمِيَّةَ سُرَّتِ

وَفُرِّجَ عَنْهَا غَيْمُ حِقْدٍ وَحَسْرَةِ

بَلِ انْكَشَفَتْ غَمَّاؤُهَا عَنْ مَسَرَّةٍ

وَنَادَتْ جَمِيلاً يَا مَلاَذِي وَنُصْرَتِي

وَأَلْقَتْ عَيَاءً رَأْسَهَا فَوْقَ صَدْرِهِ

فَزَانَ سَوَادُ الشَّعْرِ أَبْيَضَ نَحْرِهِ

مِثَالاَنِ قَامَا لِلشَّبَابِ وَنَصْرِهِ

وَلِلْحُسْنِ تَجْلُو شَمْسُهُ وَجْهَ بَدْرِهِ

فَأَلْوَى عَلَيْهَا عَاكِفاً مُتَدَانِياً

يُخَاصِرُ أُمْلُوداً مِنَ القَدِّ وَاهِيَا

وَيَرْشُفُ مِنْ أَجْفَانِهَا الدَّمْعَ جَارِيَا

عَلَى وَرْدِ خَدّ يُخْجِلُ الوَرْدَ زَاهِيَا

كَأَنَّ جَمِيلاً بِارْتِشَافِ شُؤُونِهَا

سَقَى ورْدَةً مَحْرُورَةً مِنْ عُيُونِهَا

كَأَنَّ النَّدَى المَنْثُورَ فَوْقَ جَيِبنِهَا

مَدَامِعُ فَجْرٍ أُفْرِغَتْ فِي هَتُونِهَا

وَأَوْحَى إِلَيْهِ المَكْرُ أَنْ يَتَعَجَّلاَ

لِيُدْرِكَ مِنْ لَيْلَى المَرَامَ المُؤَمَّلاَ

فَإِنْ أُمْهِلَتْ حَتَّى تَفِيقَ وَتَعْقَلا

يَظَلُّ بِأَيْدِيهَا مَقُوداً مُذَلَّلا

فَرَاغَ بِهَا فِي جُنْحِ أَلْيَلَ أَهْيَمِ

كَهَمٍ عَلَى صَدْرِ الوُجُودِ مُخَيِّمِ

إِلَى رَبَضٍ قَفْرٍ المَسَالِكِ مُظْلِمِ

مُعَدٍّ لِيُؤْتَى فِيهِ كُلُّ مُحَرَّم

فَطَارَتْ بِهِ نَفْسُ الفَتَاةِ تَرَوُّعَا

فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا مُتَضَرِّعَا

فَعَفَّتْ فَمَنَّاهَا فَزَادَتْ تَمَنُّعَا

فَأَقْسَمَ إِلاَّ أَنْ يَمُوتَا إِذاً مَعَا

وَبَالَغَ فِي إِغْرَائِهَا مُقْسِماً لَهَا

بِأَنَّ فَتَاهَا مِنْ غَد صَارَ بَعْلَهَا

وَيَرْفَعُها شَأْناً وَيَكْفُلُ أَهلَهَا

وَيَجْعَلُ فِي أَسْمَى الصُّرُوحِ مَحَلَّهَا

وَكَانَ الدُّجَى قَدْ رَقَّ حَتَّى تَصَدَّعَا

وَهَبَّ بَشِيرُ الصُّبْحِ يَرْتَادُ مَطْلَعَا

فَمَا زَالَ يَجْلُو خَافِياً وَمُقَنَّعَاً

إلى أَنْ نَضَا أَدْنَى السُّتُورِ وَقَدْ وَعَى

دَمٌ كَانَ سِرّاً فِي البَتُولِ مُقَدَّسا

فَلَمَّا أَرَاقَتْهُ ابْتِذَالاً تَدَنَّسَا

أَفِي لَحْظَةٍ تَغُدو المَصُونَةُ مُوِمَساً

وَتُضْحِي عَرُوسُ البَغْيِ إِكْلِيلُهَا الأَسَى

فَمَا الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ زَلَّ وَأَعْتَمَا

وَلاَ المَلَكُ الهَاوِي طَرِيداً ومِنَ السَّمَا

بِأَعْجَلَ مِنْ لَيْلَى سُقُوطاً وَأَعْظَمَا

فَلَوْ رَضيَتْ بِالمَوْتِ بَعْلاً وَإِنَّمَا

مَضَتْ سَنَةٌ تَصْفُو اللَّيَالِي وَتَعْذُبُ

مِراراً وَلَيْلَى دَائِماً تَتعَذبُ

صَبُورٌ عَلَى جَمْرِ الغَضَا تَتَقَلَّبُ

جَفَاهَا الأُولَى قِدْماً إِلَيْهَا تَقَرَّبُوا

وَكَانَ جَمِيل كَالنِّسَاءِ لَهُ حِلَى

وَيُكْسَى جَلاَبِيبَ الحِريرِ تَبَذُّلاً

تُسَلِّفُهُ ليْلَى جَنَى خزْيِهَا وَلاَ

تَضَنُّ عَلَيْهِ خَوْفَ أَنْ يَتَحَوَّلاَ

فَيأْخُذ مالَ السحْتِِ وَالعيْبِ رُشْوةً

ويَسخو كَما لَوْ كَانَ يَملِك ثَرْوةً

يُشَارِكَ فِيهِ وَالِديها وَإِخوةً

تَعُولُهُمُ أَكلاً وَمَأْوىً وَكِسْوةً

وَكَمْ سَافِلٍ مِنْ مِثْلِهِ رَقِيَ الذرَى

وتَاهَ عَلَى القَوْمِ الكِرَامِ تَكَبرا

بِمُرتَزَقٍ يَاتِيهِ مِنْ حَيْثُ لاَ يُرَى

كَأَنَّ لَهُ كَنْزاً خَفِيّاً عنِ الوَرى

أَقَامَ زماناً غَيْرَ وافٍ بِوَعْدِهِ

وَلَيْلَى ثَبُوتٌ فِي صِيانَةِ عهْدِهِ

وتَهْوَاهُ حتى فِي إِساءَةِ قَصْدِهِ

وتَحْمِلُ مِنْهُ المَطْلَ خَشْيةَ بُعْدِهِ

مَصائِبُها بَرَّأنَها مِنْ خَظَائِهَا

وحَزَّزْنَها مِنْ خُبْثِها ورِيائِها

عَفَا ربهَا عَنْها لِصِدُقِ وَلائِها

وأَخْلَصها حَرْقاً بِنَارِ شَقائِها

فَلَمَّا قَضَتْ مِنْ عِدَّةِ الحمْلِ أَشْهُرا

شَكَتْ أَلَماً يسْتْنفِدُ الصبرَ مُنْكَرا

وكَانَتْ علَى المأْلوفِ تَشْربُ مُسْكِراً

وَتَتْعبُ حَتَّى يطْلُع الفَجْرُ مُسْفِرَا

فَقَالَتْ لِمَنْ تَهْوَى أََرانِي ضَئِيلَةً

فَإِنْ تَفنِي مَالِي يكُنْ لِي وَسِيلَةً

لأَشْفَى وإِلاَّ مُتُّ حُبْلَى عِليلَة

فَفَرَّحها بِالوعْدِ إِفكاً وَحِيلة

وطَال عَلَيْهَا يَوْمُهَا فِي التَّوَقُّعِ

وَمرَّ زَمانٌ بعْدَهُ فِي التَّوَجُّعِ

وتُصْبِحُ فِي يأْسٍ أَلِيمٍ مُصَدِّعِ

أَيَهْتِكُ عِرْضَ البِكْرِ وَهْوَ مُخَاتِلُ

ويسْرِقُ مَا تَجْنِيهِ ما زَلاَّءُ حَامِلُ

وَيُرْدِي ابْنَهُ المِسْكِين والعَدْلُ غَافِلٌ

فَوَا خَجْلَتَا زَانٍ ولِصٌ وقَاتِلُ

وَليْلٍ أَشَد الدَّاءِ أَيْسرُ خَطْبِهِ

بَطِيءٍ كَأَنً الموْت فُرْجَةُ كَرْبِهِ

تَجَنَّى علَى لَيْلَى بِأَنْواعِ حربِهِ

وَمدَّ لَها شَوْكاً بِأَنْوَارِ شهْبِهِ