أكبرت فينا ضربة الدهر

أكبرت فينا ضربةَ الدهر

لما رُمينا منكِ بالهجر

فرحلت عنا غير قاليةٍ

ميعادُ لقينا إلى الحشر

كيف ارتَحلتِ وكنتِ نازلةً

منا نزول الروح في الصدر

أفتهجرين النورَ مارحةً

فيه إلى الظلماتِ والقبر

غدرت بك الأيامُ وافيةً

والدهر مطبوعٌ عَلى الغدر

نزلت بك الحمى فذبت بها

وكذا يذوب التبر في الجمر

لو أنها تدري إذن لغدت

برداً عليك لو أنها تدري

كيف استحرَّت فيك سالبةً

منا جميع صفاتِك الغر

لم يدفع الحمى صباكِ ولا

طبٌّ تناول منتهى الفكر

والطبُّ من حيل الحياة فإن

حُمَّ القضاءُ قضى على الأمر

ماذا استفدتِ من الحياة وما

خَلُصَت بغير السقم والضر

قلَّت لك العبراتُ جاريةً

لو دونها أرواحنا تجري

كنت السماءَ وكلَّ زخرفها

فاليوم قد طويت بلا نشر

يا روضة مضت السمومُ بها

فتحولت منها إلى قفر

مالت غصونُ الروض جازعةً

من هول مصرع غصنك النضر

وتذابلت زهرُ الرياض على

أنفاس ذابلةٍ من الزهر

أنتِ الحياةُ قضت بلا أملٍ

أنت الشبابُ مضى بلا وزر

من كان أبهَجَ منك حافلةً

ما بيننا بالأنس والبشر

من كان أَعقلَ منك ناظرةً

نظر الحكيم لمبهم العمر

من كان لسنى منك طالعةً

يزري سناك بطلعة الفجر

من كان أطيب منك مخلصةً

قلباً طبعت به على الطهر

من كان أنقى منك ضاحكةً

للعيش في سرٍ وفي جهر

إن الوجيعة فيك قد عظمت

لما أتت ذنباً بلا عذر

لسنا نريد الصبر عنك وما

كنا لنطمع منه بالأجر

اللَه فينا حين رحتِ ولم

تبقي لنا شيئاً سوى الذكر