عتابك لا يصافينا لأنا

عتابك لا يصافينا لأَنّا

تقاطعنا بلا أَمل الرجوعِ

وكنتِ صبرِ كلَّ الصبر عني

بلا أسفٍ ولا ذكر مذيع

لقد صرعتني الأحداثُ لكن

رأيتكِ لم تبالي بالصريح

وقلبكِ صار أَمنع من عقاب

فقلبي صار كالحصن المنيع

أضعتكِ لا فأنتِ أَضعتِني إذ

أنا البادي قياماً بالقنوع

على أَني أسفتُ عليكِ لما

بلوتُ حقيقة الهجر الفظيع

ودمتِ على ضلاكِ لم تُبالي

تظنيني خليقاً بالخضوع

لكنتُ خضعتُ لوأَبديتِ شيئاً

يقال له مبادأَة الصنيع

أَبَت لك كبرياؤكِ غير ذلي

وغني ما طبعتُ على الركوع

وكنتُ بعين نفسي فيك كفؤاً

لنفسكِ ربة القدر الرفيع

ولا فخرٌ لأنكِ كنتِ مني

بمنزلة الفؤاد من الضلوع

حببتكِ ملءَ أحلامي المواضي

وملءَ شبابي الفاني السريع

فأسَّفني الشبابُ وقد تولى

كما ذبلت أزاهيرُ الربيع

وخلّى غُصةً في الهجر لجَّت

مضايقةً على صدري الوسيع

فأطفأت الليالي عاطفاتي

وأحلامي كإطفاء الشموع

وأَرضَعَتِ الفؤاد أسى ويأساً

فصار أقل من طفل رضيع

تعوَّد أن ينام ولا رجاءٌ

بأن يلقاك في غده الرجيع

يباشر عيشه غُفُلاً ويمشي

على الأيام بالصمت المروع

أُضاحكه بلا سببٍ فيبكي

وأبكيه فيضحك كالخليع

يرى الدنيا ويسمع وهو بادٍ

شتيتاً غير راءٍ أو سميع

ويشمس للورى طرفاً حروناً

ويهدأ هدأة الحمل الوديع

فلازمه الشقاءُ بلا تشكٍ

ملازمة المضاجع للضجيع

فلا يا هند ما هذي حياة

ولا عوض عن العمر المضيع

وإني قد عصيتُ الحق يغري

عليكِ ورب عاصٍ كالمطيع

أَأَتَّبع انتقاماً منك يشقي

حياتكِ في الزمان بلا شفيع

ولكن لا فأَنتِ مع التجافي

مكرمةٌ على رغم الجميع

سماحاً فاذهبي وحبيتِ سعداً

كنور الشمس وهّاج السطوح