لو أن لي الأرض والسماء

لو أن لي الأرض والسماءَ

عفتُها في سبيل نظره

أرضى بها في الهوى رجاءَ

أحيا به والحياة فتره

لو كنتُ أرضاً نفحتُ طيبا

ينعشه نائياً قريبا

وكل ما شاءَه عجيبا

وأخرجتُه زاهياً ليرضى

لو كنت أرضا

لو كنت روضاً زدتُ زهورا

يحسبها في الجنان حورا

وسلتُ ماءً يروي الطيورا

وهي تروض الألحان روضا

لو كنت روضا

لو كنتُ زهراً نظمتُ تاجاً

لرأسه يشرق ابتهاجا

ولحتُ تبراً ولحتُ عاجا

أنفثُ في الناظرين سحرا

لو كنت زهرا

لو كنتُ غصناً رقصتُ تيها

حتى يراني غراً نزيها

عساه يدنو مني بديها

يبصر أني رقصتُ حزنا

لو كنت غصنا

لو كنتُ طيراً أَنشدتُ لحنا

يهزُ منه شوقاً وحزنا

لعلَّه إن صبا وحنا

أصيب منه غنماً وخيرا

لو كنت طيرا

لو كنتُ حقلاً فرشتُ عشباً

يلين وطئاً له وعجبا

وزدتُ كلَّ النبات خصبا

فيه يلاقي أهلاً وسهلا

لو كنت حقلا

لو كنت طوداً صدَّع رأسي

سقمي منه وهدَّ باسي

نننلو كان يدري الذي أقاسي

لعادني في السقام عودا

لو كنت طودا

لو كنتُ ماءً لمعتُ آلا

أسقيه سلسالي الزلالا

إن انتشى ينثني دلالا

يزيدني في الهوى ظماءَ

لو كنت ماءَ

لو كنتُ نهراً جريتُ أبهى

من كل نورٍ ماءً وأزهى

إذا أتاني قبَّلت وجها

يراه في الماءِ مستقرّا

لو كنت نهرا

لو كنتُ بحراً ثُرتُ حزينا

أُسمعه البثَّ والأنينا

مجاملاً رقة ولينا

وكيف لي أن الين صخرا

لو كنتُ بحرا

لو كنتُ ريحاً ضممتُ قدّا

له وداعبته مُجِدّاً

مبرِّداً من هواي وقدا

عساي أُشفى لأستريحا

لو كنت ريحا

لو كنتُ أُفقاً لحتُ عقيقا

شعاعه يسكب الرحيقا

وهو دمي عنده أُريقا

عسى يوالي عطفاً ورفقا

لو كنت أُفقا

لو كنت برجاً لكان شمسي

ونجمَ سعدي وبدر أنسي

وكان يومي وكان أمسي

فهل غدي عنده يرجّى

لو كنت برجا

لو كنتُ شمساً أضرمتُ نارا

تبعثُ في قلبه الأوارا

مخالساً روحَه سَرارا

أُنبتُ فيها للحب غرسا

لو كنتُ شمسا

لو كنتُ بدراً بقيتُ تَمّاً

حتى يُسَرّي مرآي غمّا

عنه وأحنو عليه أمّا

أُلبسه النور مُسبطِرّا

لو كنت بدرا

لو كنت نجماً ثبتُّ لحظا

يحرسه في الدجى ويحظى

بحسنه والعيون يقظى

غَيرى بكحل السهاد تدمى

لو كنتُ نجما

لو كنتُ لو كنتُ والأماني

خوادع كلها يفوتُ

نعيش في الخوف والأمان

وإنما في غدٍ نموتُ