أرقت لهم ضافني بعد هجعة

أَرِقتُ لِهَمٍّ ضافَني بَعدَ هَجعَةٍ

عَلى خالِدٍ فَالعَينُ دائِمَةُ السَجمِ

إِذا ذَكَرَتهُ العَينُ أَغرَقَها البُكى

وَتَشَرَقَ مِن تَهمالِها العَينُ بِالدَمِّ

فَباتَت تُراعي النَجمَ عَينٌ مَريضَةٌ

لِما عالَها وَاِعتادَها الحُزنُ بِالسُقمِ

وَما بَعدَ أَن قَد هَدَّني الدَهرُ هَدَّةً

تَضالَ لَها جِسمي وَرَقَّ لَها عَظمي

وَما قَد أَصابَ العَظمَ مِنّي مُخامِرٌ

مِنَ الداءِ داءٌ مُستَكِنٌّ عَلى كَلمِ

وَأَن قَد بَدا مِنّي لِما قَد أَصابَني

مِنَ الحُزنِ أَنّي ساهِمُ الوَجهِ ذو هَمِّ

شَديدُ الأَسى بادي الشُحوبِ كَأَنَّني

أَخو جِنَّةٍ يَعتادَهُ الخَبلُ في الجِسمِ

بِفَقدِ اِمرىءٍ لا يَجتَوي الجارُ قُربَهُ

وَلَم يَكُ يُشكى بِالقَطيعَةِ وَالظُلمِ

يَعودُ عَلى ذي الجَهلِ بِالحِلمِ وَالنُهى

وَلَم يَكُ فَحّاشاً عَلى الجارِ ذا عَذمِ

وَلَم يَكُ فَظّاً قاطِعاً لِقَرابَةٍ

وَلكِن وُصولاً لِلقَرابَةِ ذا رُحمِ

وَكُنتَ إِذا ساجَرتَ مِنهُم مُساجِراً

صَفَحتَ بِفَضلٍ في المُروءِ وَالعِلمِ

وَكُنتَ إِذا ما قُلتَ شَيئاً فَعَلتَهُ

وَفُتَّ بِذاكَ الناسَ مُجتَمِعَ الحَزمِ

فَإِن تَكُ غالَتكَ المَنايا وَصَرفُها

فَقَد عِشتَ مَحمودَ الخَلائِقِ وَالحِلمِ

كَريمَ سَجِيّاتِ الأُمورِ مُحَبَّباً

كَثيرَ فُضولِ الكَفِّ لَيسَ بِذي وَصمِ

أَشَمَّ كَنَصلِ السَيفِ يَرتاحُ لِلنَّدى

بَعيداً مِنَ الآفاتِ وَالخُلُقِ الوَخمِ

جَمَعتَ أَموراً يُنفِذُ المَرَّ بَعضُها

مِنَ الحِلمِ وَالمَعروفِ وَالحَسَبِ الضَخمِ

أَتَتهُ المَنايا وَهوَ غَضٌّ شَبابُهُ

وَما لِلمَنايا عَن حِمى النَفسِ مِن عَزمِ

وَكُلُّ اِمرىءٍ يَوماً إِلى المَوتِ صائِرُ

قَضاءً إِذا ما حانَ يُؤخَذُ بِالكَظمِ

وَما أَحَدٌ حَيٌّ تَأَخَّرَ يَومُهُ

بِأَخلَدَ مِمَّن صارَ قَبلُ إِلى الرَجمِ

سَيَأتي عَلى الباقينَ يَومٌ كَما أَتى

عَلى مَن مَضى حَتمٌ عَلَيهِ مِنَ الحَتمِ

فَلَستُ بِناسيهِ وَإِن طالَ عَهدُهُ

وَما بَعدَهُ لِلعَيشِ عِندي مِن طَعمِ