لقد علمت أم الأديبر أنني

لَقَد عَلِمَت أُمُّ الأُدَيبِرِ أَنَّني

أَقولُ لَها هَدّي وَلا تَذخَري لَحمي

فَإِنَّ غَداً إِن لا نَجِد بَعضَ زادِنا

نُفِىء لَكِ زادا أَو نُعَدِّكِ بِالأَزمِ

إِذا هِيَ حَنَّت لِلهَوى حَنَّ جَوفُها

كَجَوفِ البَعيرِ قَلبُها غَيرُ ذي عَزمِ

فَلا وَأَبيكِ الخَيرَ لا تَجِدينَهُ

جَميلَ الغِنى وَلا صَبوراً عَلى العُدمِ

وَلا بَطَلاً إِذا الكُماةُ تَزَيَّنوا

لَدى غَمَراتِ المَوتِ بِالحالِكِ الفَدمِ

أَبَعدَ بَلائي ضَلَّتِ البَيتَ مِن عَمىً

تُحِبُّ فِراقي أَو يَحِلُّ لَها شَتمي

وَإِنّي لَأُثوى الجوعَ حَتّى يَمَلَّني

فَيَذهَبَ لَم يَدنَس ثِيابي وَلا جِرمى

وَأَغتَبِق الماءَ القَراحَ فَأَنتَهى

إِذا الزادَ أَمسى لِلمُزَلَّجِ ذا طَعمِ

أَرُدُّ شُجاعَ البَطنِ قَد تَعلَمينَهُ

وَأوثِرُ غَيري مِن عِيالِكِ بِالطُعمِ

مَخافَةَ أَن أَحيا بِرَغمٍ وَذِلَّةٍ

وَلَلمَوتُ خَيرٌ مِن حَياةٍ عَلى رَغمِ

رَأَت رَجُلاً قَد لَوَّحَتهُ مَخامِصٌ

وَطافَت بِرَنّانِ المَعَدَّينِ ذي شَحمِ

غَذِيِّ لِقاحٍ لا يَزالُ كَأَنَّهُ

حَميتٌ بِدَبغٍ عَظمُهُ غَيرُ ذي حَجمِ

تَقولُ فَلَولا أَنتَ أُنكِحتُ سَيِّدا

أُزَفُّ إِلَيهِ حُمِلتُ عَلى قَرمِ

لَعَمري لَقَد مُلِّكتِ أَمرَكِ حِقبَةً

زَمانا فَهَلّا مِستِ في العَقمِ وَالرَقمِ

فَجاءَت كَخاصي العَيرِ لَم تَحلَ جاجَةً

وَلا عاجَةً مِنها تَلوحُ عَلى وَشمِ

أَفاطِمَ إِنّي أَسبِقُ الحَتفَ مُقبِلاً

وَأَترُكُ قِرني في المَزاحِفِ يَستَدمي

وَلَيلَةِ دَجنٍ مِن جُمادى سَرَيتُها

إِذا ما اِستَهَلَّت وَهِيَ ساجِيَةٌ تَهمي

وَشَوطٍ فِضاحٍ قَد شَهِدتُ مُشايِحاً

لِأُدرِكَ ذَحلاً أَو أُشيفَ عَلى غُنمِ

إِذا اِبتَلَّت الأَقدامُ وَالتَفَّ تَحتَها

غُثاءٌ كَأَجوازِ المُقَرَّنَةِ الدُهمِ

وَنَعلٍ كَأَشلاءِ السُمانى نَبَذتُها

خِلافَ نَدىً مِن آخِرِ اللَيلِ أَورِهمِ

إِذا لِم يُنازِع جاهِلُ القَومِ ذا النُهى

وَبَلَّدَت الأَعلامُ بِاللَيلِ كَالأُكمِ

تَراها صِغارا يَحسِرُ الطَرفُ دونَها

وَلَو كانَ طَوداً فَوقَهُ فِرَقُ العُصمِ

وَإِنّي لَأَهدي القَومَ في لَيلَةِ الدُجى

وَأَرمي إِذا ما قيلَ هَل مِن فَتىً يَرمي

وَعادِيَةٍ تُلقي الثِيابَ وَزَعتُها

كَرِجلِ الجَرادِ يَنتَحي شَرَفَ الحَزمِ