آن للشاعر أن يقتل نفسه

آن للشاعر أن يقتل نفسَهْ

لا لشيء ، بل لكي يقتل نَفْسَهْ.

قال: لن أسمح للنحلة أن تمتصَّني

قال: لن أسمح لله بأن يقتَصَّ منِّي

قال: لن أسمح للمرأة أن تتركني حيّاً على ركبتها.

من ثلاثين سَنَهْ

يكتب الشعر وينساني. وقعنا عن جميع الأحصنهْ

ووجدنا الملح في قمحٍ, وهو ينساني. خسرنا الأمكنهْ

وهو ينساني. أنا الآخر فيه.

كُلًّ شيء صورةٌ فيه . أنا مرآتُهُ

كُلُّ موتٍ صورةٌ. كُلُّ جَسَدْ

صورةٌ. كُلُّ رحيل صورة. كُلُّ بَلَدْ

صورةٌ. قلتُ: كفى متنا تماماً, أين إنسانيتي؟ أين أنا؟

قال: لا صورة إلاَّ للصوَر.

من ثلاثين شتاءْ

يكتب الشعر ويبني عالماً ينهار حولهْ

يجمع الأشلاء كي يرسم عصفوراً وباباً للفضاءْ

كُلَّما انهار جدارٌ حولنا شاد بيوتاً في اللغهْ

كلما ضاق بنا البرُّ بنى الجنة، وامتدَّ بُجُملهْ

من ثلاثين شتاء، وهو يحيا خارجي.

قال: إنْ جئنا إلى أُولى المُدُنْ

ووجدناها غياباً

وخراباً

لا تصدِّقْ

لا تُطَلِّقْ

شارعاً سرنا عليه … وإليهِ.

تكذب الأرضُ ولا يكذب حُلْمٌ يتدلى من يديِه.

من ثلاثين خريفاً

يكتب الشعر ولا يحيا ولا يعشق إلاّ صوَرهْ

يدخل السجنَ فلا يُبصر إلاّ قمرهْ

يدخلُ الحبَّ فلا يَقطِفُ إلاّ تمرهْ

قلتُ: ما المرأةُ فينا؟ قال لي: تُفَّاحةٌ للمغفرهْ.

أين إنسانيَّتي؟ صحتُ

فسدَّ الباب كي يبصرني خارجَهُ. يصرخ بي:

من فكرةٍ في صورةٍ في سُلَّم الإيقاع تأتي المرأةُ المنتظرهْ.

آن للشاعر أن يخرج مني للأبد.

ليس قلبي من ورقْ

آن لي أن أفترقْ

عن مرايايَ وعن شعب الورقْ

آن للنحلة أن تخرج من وردتها نحو الشفقْ

آن للوردة أن تخرج من شوكتها كي تحترقْ

آن للشوكة أن تدخل قلبي كُلَّهُ

كي أرى قلبي, وكي أسمع قلبي, وأحسَّهْ.

آن للشاعر أن يقتل نفسهْ,

لا لشيء,

بل لكي يقتل نفسهْ.