أطوار أنات

الشِعْرُ سُلَّمنا إلى قَمَرٍ تُعَلِّقُهُ أَناتُ

على حَدِيقتها, كمرآةٍ لعُشَّاقٍ بلا أَمَلٍ, وتمضي

في براري نفسها امرأتينِ لا تتصالحانِ:

هُنَالكَ امرأةٌ تُعيدُ الماءَ للينبوعِ,

وامرأةٌ تقودُ النارَ في الغاباتِ,

أَمَّا الخيلُ

فلترقُصْ طويلاً فوق هاوِيَتَيْنِ,

لا مَوْتٌ هناك … ولا حياةُ.

وقصيدتي زَبَدُ اللُهاثِ وصرخَةُ الحيوانِ

عند صُعُودهِ العالي

وعند هبوطه العاري: أَناتُ!

أَنا أُريدُكُما معاً, حُبّاً وحرباً, يا أَناتُ

فإلى جَهَنَّمَ بيْ… أُحبُّكِ يا أَناتُ!

وأَناتُ تقتُلُ نَفْسَها

في نَفْسها

ولنفسِها

وتُعيدُ تكوينَ المسافة كي تمرَّ الكائناتُ

أَمامَ صورتها البعيدةِ فوق أَرضِ الرافدينِ

وفوق سُوريّا. وتأمرُ الجهاتُ

بصَوْلجانِ اللازَوَرْدِ وخاتَمِ العذراءِ: لا

تتأخَّري في العالم السُفليِّ. عُودي من هناكَ

إلى الطبيعةِ والطبائع يا أَناتُ!

جَفَّتْ مياهُ البئر بَعْدَكِ. جَفَّتِ الأَغوارُ

والأَنهارُ جَفَّتْ بعد موتكِ. والدموع

تَبَخَّرَتْ من جَرَّة الفخّار, وانكسرَ الهواءُ

من الجفاف كَقِطْعَةِ الخشب. إنكسرنا كالسياجِ

على غيابكِ. جَفَّتِ الرغباتُ فينا. والصلاةُ

تكلَّسَتْ. لا شيءَ يحيا بعد موتكِ. والحياةُ

تَموتُ كالكلمات بين مُسَافِرَيْن إلى الجحيمِ,

فيا أَناتُ

لا تمكُثي في العالم السُفليِّ أَكثَرَ! رُبَّما

هَبَطَتْ إلهاتٌ جديداتٌ علينا من غيابكِ

وامتَثلْنا للسرابِ. ورُبَّما وَجَدَ الرُعاةُ

الماكرونَ إلهةً, قرب الهباءِ وصدَّقَتْها الكاهناتُ

فلتَرْجعي, ولتُرْجعي أَرضَ الحقيقةِ والكنايةِ،

أَرضَ كَنْعانَ البدايةِ,

أَرضَ نَهْدَيْكِ المشاع,

وأَرض فَخْذَيْكِ المشاع, لكي تعودَ المعجزاتُ

إلى أَريحا,

عند باب المَعْبَدِ المهجورِ… لا

موتٌ هناك ولا حياةُ

فَوْضى على باب القيامة. لا غَدٌ

يأتي. ولا ماضٍ يجيء مُودِّعاً.

لا ذكرياتُ

تطيرُ من أَنحاءِ بابلَ فوق نخلتنا, ولا

حُلُمٌ يُسَامِرُنا لنسكنَ نجمةً,

هِيَ زِرُّ ثوبِكِ, يا أَناتُ

وأَناتُ تخلق نفسَها

من نفسِها

ولنفسِها

وتطيرُ خَلْفَ مراكب الإغريقِ,

في اسمٍ آخَرَ,

إمرأتينِ لن تتصالحا أَبداً…

وأَمَّا الخيلُ

فلترقُصْ طويلاً فوق هاويتين. لا

موتٌ هناك ولا حياةُ

لا أَنا أحيا هنالك, أَو أموتُ

ولا أَناتُ

ولا أَناتُ!