الحزن والغضب

 

الصوتُ في شفتيك لا يُطربُ

والنارُ في رئتيك لا تغلبُ

وأبو أبيك على حذاء مهاجرٍ يُصلبُ

وشفاهُها تعطى سواك، ونهدُها يحلبُ!

فعلام لا تغضبُ

(1)

أمس التقينا في طريق الليل

من حانٍ لحان

شفتاك حاملتان

كل أنين غاب السنديان

ورويتِ لي للمرة الخمسين

حبّ فلانةٍ وهوى فلان

وزجاجة الكونياك

والخيام والسيف اليماني..

عبثاً تخدرُ جرحك العربي

عربدةُ القناني!

عبثاً تطوعُ يا كنار الليل

جامحة الأماني!

الريحُ في شفتيك

تهدمُ ما بنيت من الأغاني!

فعلام لا تغضبُ؟

ما دام صوتك يا كنار الليل لا يطربُ!

(2)

قالوا: ابتسم لتعيش

فابتسمتْ عيونُك للطريقْ

وتبرأتْ عيناك من قلبٍ يرمده الحريقْ

وحلفت لي: أني سعيدٌ يا رفيقْ

وقرأت فلسفة ابتسامات الرقيقْ:

الخمرُ والخضراءُ والجسدُ الرشيقْ!

فإذا رأيت دمي بخمرك

كيف تشربُ يا رفيقْ؟

الجمرُ في رئتيك،

من تحت الرماد، غداً يُفيق

فعلام لا تغضبُ؟

ما دام طبعُ النار في جنبيك لا يغلبُ؟

(3)

القرية الأطلالُ

والناطورُ، والأرضُ اليبابْ

وجذوعُ زيتوناتكمْ

أعشاشُ بومٍ أو غرابْ!

منْ هيّأ المحراث هذا العام؟

من ربى الترابْ؟

يا أنتَ !

أين أخوك؟

أين أبوك؟

إنهما سرابْ!

من أين جئت؟

أمن جدارٍ؟

أم هبطتَ من السحابْ؟

أترى تصونُ كرامة الموتى

وتطرقُ في ختام الليل بابْ؟

وعلام لا تغضبُ؟

ما دام لحمُ أبي أبيك

على حذاء الليل يصلبُ؟

(4)

أنّا حملنا الحزن أعواماً

وما طلع الصباحْ

والحزنُ نارٌ تخمدُ الأيامُ شهوتها

وتوقظُها الرياح

والريحُ عندك.. كيف تلجمُها

وما لك من سلاحْ

إلا لقاءُ الريح والنيران

في وطنٍ مباحْ؟