النهر غريب وأنت حبيبي

الغريبُ النهرُ – قالتْ

واستعدَّتْ للغناءْ

لم نحاول لغة الحبَّ , ولم نذهب إلى النهر سدى

وأتاني ليلٌ من منديلها

ولم يأت ليلٌ مثل هذا الليل من قبل فَقَدَّمْتُ دمي للأنبياءْ

ليموتوا بدلاً منا..

ونبقى ساعة فوق رصيف الغرباءْ

واستعدَّتْ للغناءْ

وحدنا في لحظة العُشّاقِ

أزهار على الماءِ

إلى أين سنذهب ؟

للغزال الريحُ والرمحُ . أنا السكّين والجرحُ

إلى أين سنذهب ؟

ها هي الحريَّةُ الحسناءُ في شريانيَ المقطوع ,

عيناكِ وبلدانٌ على النافذة الصغرى

ويا عصفورة النار , إلى أين سنذهب ؟

للغزال الريحُ والرمحُ ,

وللشاعر يأتي زَمَنٌ أعلى من الماء , وأدنى من حبال

الشَّنقِ.

يا عصفورة المنفى ! إلى أين سنذهبْ ؟

لم أودّعك فقد ودَّعتُ سطح الكرة الأرضيَّةِ الآن..

معي أنت لقاء دائمٌ بين وادع ووداع

ها أنا أشهدُ أن الحب مثل الموتِ

يأتي حين لانتظر الحبَّ ,

فلا تتنظريني…

الغريبُ النهرُقالتْ

واستعدَّتْ للسّفَرْ.

الجهاتُ الستُّ لا تعرف عن ((جانا))

سوى أنَّ المطرْ

لم يُبَلّلها

ولا تعرف عنها

غير أني قد تغيَّرتُ تغيَّرتُ

تَصَبَبْتُ بروقاً وشجرْ

وأسرتُ السندبادْ

والغريبُ النهرُ قالت

ها هو الشئ الذي نَسْكُتُ

قد صار بلادْ

هاهِي الأرض التي نسكُنُ

قد صارت سفر

والغريبُ النهرُ – قالت

واستعدَّت للسفر.

وحدنا لا ندخل الليلَ

لماذا يتمنّى جسمُكِ الشَعر

وزهر اللوتس الأبعدَ من قبري

لماذا تحلمين

بمزيدٍ من عيون الشهداءِ ؟

اقتربي مني يزيدوا واحداً

((خبزي كفاف البرهة الأولى))

وأمضي نحو وقتي وصليب الآخرين

وحدنا لا ندخل الليل سدى,

يا أيها الجسم الذي يحتصرُ الأرض ,

ويا أيتها الأرض التي تأخذ شكل الجَسَد الروحي

كوني لأكونْ

حاولي أن ترسميني قمراً

ينحدرِ الليلُ إلى الغابات خيلاً

فلماذا تحلمين

بمزيدٍ من وجوه الشهداءِ ,

ابتعدي عنّي يصيروا أمَّةً في واحد…

هل تحرقين الريح في خاصرتي؟

أم تمتشقين الشمس ؟

أم تنتحرينْ ؟

عَلَمتني هذه الدنيا لُغَاتٍ وبلاداً غير ما ترسمه عيناكِ

لا أفهم شيئاً منكِ لا أفهمُني ((جانا))

فلا تتنظريني !..

الغريبُ النهرُقالتْ

واستعدَّتْ للبكاءْ

لم تكن أجمل من خادمة المقهى

ولا أقرب من أمّي

ولكنَّ المساءْ

كان قِطّاً بين كفَّيها

وكان الأُفق الواسع يأتي من زجاج النافذهْ

لاجئاً في ظلّ عينيها

وكان الغرباءْ

يملأون الظلّ

لن أمضي إلى النهر سدى

اذهبي في الحلم يا جانا !

بكتْ جانا

وكان الوقتُ يرميني على ساعة ماءْ

إذهبي في الوقت يا جانا !

بكت جانا

وكان الحُلْمُ ذرّاتِ هواءْ

اذهبي في الفَرَح الأول يا جانا !

بكت جانا

وكان الجرحُ وردَ الشهداءْ

آه ’ جانا

لم تكوني مُدُني

أو وطني

أو زمني

كي أوقف النهر الذي يجرفني

فلماذا تدخلين الآن جسمي

لتصير يالنهر أو سيَّدةَ النهرِ

لماذا تخرجين الآن من جسمي

ومن أجلك جدَّدتُ الإقامة

فوق هذي الأرض .. جدَّدت الإقامة

اذهبي في الحُلم يا جانا !

بكتْ جانا

وصار النهر زنّاراً على خاصرتي

واختفي شكل السماءْ…