حمام

رفٌّ من الحمام ينقشع فجأة من خلل الدخان .

يلمع كبارقة سِلْمٍ سماوية. يحلِّق بين الرماديّ

وفُتات الأزرق على مدينة من ركام . ويذكِّرنا

بأن الجمال ما زال موجوداً ، وبأن اللا موجود

لا يعبث بنا تماماً إذ يَعِدُنا ، أو نظنُّ أنه

يعدنا بتجلِّي اختلافه عن العدم . في الحرب

لا يشعر أَحد منا بأنه مات إذا أَحسَّ

بالألـم . الـموت يسبق الألـم . والألـم هـو

النعمة الوحيدة في الحرب. ينتقل من حيّ إلي

حيّ مع وقف التنفيذ . وإذا حالف الحظّ أحداً

نسيَ مشاريعه البعيدة ، وانتظر اللا موجود

وقد وُجِدَ مُـحَلِّقاً في رفِّ حمام . أرى في سماء

لبنان كثيراً من الحمام العابث بدخان يتصاعد

من جهة العدم !