حنين إلى نسيان

ظلام . وقعتُ عن السرير ممسوساً بسؤال :

أَين أنا ؟ بحثت عن جسدي فأحسستُ

به يبحث عني . وبحث عن مفتاح النور لأرى

ما يحدث لي , أَجده . تعثَّرتُ بكرسيّ

فأسقطتُهُ وأسقطني على ما لا أَعرف . وكأعمى

يرى بأصابعه الأشياء فَتَّشت عن جدار

أَستند إليه ,فارتطمتُ بخزانة. فتحتُها…

فلامستْ يدي ثياباً شَمَمْتُها فعثرتُ على رائحتي .

أدركت أني في حيِّز من العالم يخصني , وانفصل

عني أو انفصلت عنه . تابعتُ البحث عن

مفتاح النور لأرى إن كان ذلك صحيحاً ,

فوجدته . تعرفت إلى أشيائي : هذا سريري ,

وهذا كتابي , وهذه حقيبتي , وهذا الذي

في البيجامة هو أَنا تقريباً. فتحت النافذة ,

وسمعت نباح كلاب في الوادي . ولكن , لم

أتذكر متى عدت , ولا أتذكر أني وقفتُ على

الجسر . ظننتُ أني أحلم بأني هنا ولستُ

هنا. غسلت وجهي بماء بارد , وتأكدت من

يقظتي . سرت إلى المطبخ فرأيت فواكه طازجة ,

وصحوناً غير مغسولة تدلُّ على أنني تناولت

العشاء هنا. لكن , متى حدث ذلك ؟ تصفحت

جواز السفر فأدركت أني وصلت اليوم , دون

أن أتذكر أني سافرت . هل حصل فصامٌ ما

في ذاكراتي ؟ هل انفصل وجودي النفسي عن

وجودي الفيزيائي . خفتُ … واتصلتُ بصديق في

ساعة متأخرة من الليل : أُعاني من وعكة في

الذاكرة… أين أنا ؟ قال: أنت في رام الله.

سألته : متى أتيت ؟ قال : اليوم , وكنا معاً بعد

الظهر في حديقة ﭬاتشي. سألته : لماذا لا أتذكر ,

هل تظن أني مريض ؟ قال : يحدث ذلك مع مرضى

من نوع آخر : مرضى الحنين إلى النسيان !