صلاة أخيرة

يُخَيّلُ لي أن عمري قصير

و أني على الأرض سائح

و أن صديقة قلبي الكسير

تخون إذا غبت عنها

و تشرب خمرا

لغيري،

لأني على الأرض سائح!

يخيل لي أن خنجر غدرِ

سيحفر ظهري

فتكتب إحدى الجرائد:

“كان يجاهد”

و يحزن أهلي و جيراننا

و يفرح أعداؤنا

و بعد شهور قليلة

يقولون: كان!

يخيل لي أن شعري الحزينْ

و هذي المراثي، ستصبح ذكرى

و أن أغاني الفرح

وقوس قزح

سينشدها آخرون

و أن فمي سوف يبقى مدمّى

على الرمل و العوسجِ

فشكراً لمن يحملون

توابيت أمواتهم!

و عفواً من المبصرين

أماميَ لافتة النجم

في ليلة المدلجِ !

يخيل لي يا صليب بلادي

ستحرق يوماً

و تصبح ذكرى ووشماً

وحين سينزل عنك رمادي

ستضحك عينُ القدر

و تغمز: ماتا معاً

لو أني، لو أني

أقبّل حتى الحجر

و أهتّف لم تبق إلاّ بلادي!

بلاديَ يا طفلة أمَةً

تموت القيود على قدميها

لتأتي قيود جديدة

متى نشرب الكأس نخبك

حتى و لو في قصيدة؟

ففرعون مات

و نيرون مات

و كل السنابل في أرض بابلَ

عادت إليها الحياة!

متى نشرب الكأس نخبك

حتى و لو في الأغاني

أيا مهرة يمتطيها طغاة الزمان

و تفلت منا

من الزمن الأول

_لجامك هذا.. دمي !

_و سرجك هذا.. دمي

إلى أين أنت إذن رائحة

أنا قد وصلت إلى حُفْرةٍ

و أنت أماماً.. أماماً

إلى أين؟

يا مهرتي الجامحة ؟!

يخيل لي أن بحر الرماد

سينبتُ بعدي

نبيذا و قمخاً

و أني لن أطعمه

لأني بظلمة لحدي

و حيدٌ مع الجمجمة

لأني صنعتُ مع الآخرين

خميرةَ أيامنا القادمة

و أخشابَ مركبنا في بحار الرماد

يخيل لي أن عمري قصير

و أني على الأرض سائح

و لو بقيت في دمي

نبضة واحدهْ

تعيد الحياة إليّ

لو أني

أفارق شوك مسالكنا الصاعدة

لقلت ادفنونيَ حالاً

أنا توأم القمة المارده!!