قصيدة الخبز

كان يوماً غامضاً….

تخرجُ الشمسُ إلى عاداتها كسلى

رمادٌ مَعْدنُّي يملأ الشرقَ…

وكان الماءُ في أوردة الغيمِ

وفي كل أنابيب البيوتْ

يابساً

كان خريفاً يائسا في عمر بيروتَ

وكان الموتُ يمتدُّ من القصرِ

إلى الراديو إلى بائعة الجنس إلى سوق الخضار

ما الذي أيقظك الآن

تمام الخامسهْ؟

كان إبراهيمُ رسّامَ المياه

وسياجاً للحروب

وكسولاً عندما يوقظُهُ الفجرُ

ولكنَّ لإبراهيمَ أطفالاً من الليْلَكِ والشمسِ

يريدون رغيفاً وحليب

كان إبراهيمُ رسّاماً وأب

كان حيّاً من دجاج وجنوب وغضب

وبسيطاً كصليب

المساحاتُ صغيرهْ

مقعدٌ في غرفة . لا شئ…لا شئ

وكان الرسُم بالماء وطنْ

والتفاصيلْ لكمْ وجهي أنا برقيَّةٌ

هل تقرأون الماءَ كي نتَّفق الآن ؟

البياضُ الأسود احتلَّ المسافات

أنا الورد الذي لا يومئُ

القيدُ الذي يأتي من الحرية الفوضى

أو العجز الذي يأخذ شكل الوطن – البوليس

هل كان الوطنْ

انطباعاً أم صراعاً ؟

وضياعاً أم خلاصْ

كان يوماً غامضاً….

وجهي أنا برقَّيةُ الحنطة في حقل الرصاص

ما الذي أيقظك الآن

تمام الخامسهْ ؟

إنهم يغتصبون الخبز والإنسان

منذ الخامسهْ !..

لم يكن للخبز في يوم من الأيّامِ

هذا الطعمُ ’ هذا الدمُ

هذا الملمسُ الهامسُ

هذا الهاجسُ الكونيُّ

هذا الجوهرُ الكليُّ

هذا الصوتُ هذا الوقتُ

هذا اللونُ هذا الفنُّ

هذا الاندفاعُ البشريُّ.السرُّ. هذا السِّحرُ

هذا الانتقالُ الفذُّ

من كهف البدايات إلى حرب العصابات

إلى المأساة في بيروت

من كان يموت

في تمام الخامسهْ؟

كان إبراهيم يستولى على اللون النهائيّ

ويستولي على سرِّ العناصرْ

كان رسّاماً وثائر

كان يرسمْ

وطناً مزدحماً بالناس والصفصاف والحرب

وموج البحر والعمال والباعة والريف

ويرسمْ

جسداً مزدحماً بالوطن المطحون

في معجزة الخبزِ

ويرسمْ

مهرجان الأرض والإنسان ,

خبزاً ساخناً عند الصباح

كانت الأرض رغيفاً

كانت الشمس غزالهْ

كان إبراهيم شعباً في رغيف

وهو الآن نهائيٌّ.. نهائيٌّ

تمام السادسهْ

دَمُهُ في خبزه

خبزُهُ في دمه

الآن

تمام السادسهْ !..