مر القطار

مَرَّ القطارُ سريعاً،

كُنْتُ أنتظرُ

على الرصيف قطاراً مَرَّ،

وانصرَفَ المُسافرونَ إلى

أَيَّامِهِمْ … وأَنا

ما زلتُ أَنتظرُ

تبكي الكمنجاتُ عن بُعْدٍ،

فتحملني

سحابةٌ من نواحيها

وتنكسرُ

كان الحنينُ إلى أشياء غامضةٍ

يَنْأَى ويَدْنُو،

فلا النسيانُ يُقْصِيني،

ولا التذكُّرُ يدنيني

من امرأة

إن مَسَّها قمرٌ

صاحَتْ: أَنا القَمَرُ

مَرَّ القطارُ سريعاً،

لم يكن زَمَني

على الرصيف معي،

فالسَاعةُ اختلفتْ

من الساعةُ الآن؟

ما اليومُ الذي حَدَثتْ

فيه القطيعةُ بين الأمس والغدِ

لَمَّا هاجر الغَجَرُ؟

هنا وُلدتُ ولم أُولَدْ

سيُكْمِلُ ميلادي الحَروُنَ إذاً

هذا القطارُ

ويمشي حولِيَ الشَجَرُ

هنا وُجدتُ ولم أُوجَدْ

سأعثُرُ في هذا القطارِ

على نفسي التي امتلأتْ

بضفّتينِ لنهرٍ مات بينهما

كما يموتُ الفتى

“ليت الفتى حَجَرُ …”

مَرَّ القطارُ سريعاً

مَرَّ بي، وأَنا

مثل المحطَّة، لا أَدري

أُودِّعُ أَم أستقبلُ الناسَ:

أَهلاً، فوق أرصفتي

مقهى،

مكاتبُ،

وردٌ

هاتفٌ،

صُحُفٌ

وسندويشاتٌ،

وموسيقى،

وقافيةٌ

لشاعرٍ آخرٍ يأتي وينتظرُ

مَرَّ القطار سريعاً

مَرَّ بي ، وأَنا

ما زلتُ أَنتظرُ