هدير الصمت

أُصغي إلى الصمت. هل ثمة صمت ؟ لو

نسينا اسمه , وأَرهفنا السمع إلى ما

فيه , لسمعنا أَصوات الأرواح الهائمة

في الفضاء , والصرخات التي اهتدت إلى

الكهوف الأولى . الصمت صوت تبخّر واختبأ

في الريح , وتكسّر أَصداء محفوظةً في

جِرارٍ كونيّة. لو أرهفنا السمع لسمعنا

صوتَ ارتطام التفاحة بحجر في بستان الله ,

وصرخةَ هابيل الخائفةَ من دمه الأول ,

وأَنينَ الشهوة الأصلي بين ذكر وأُنثى

لا يعرفان ما يفعلان , ولسمعنا تأملاتٍ

يونس في بطن الحوت , والمفاوضاتٍ السرية

بين الآلهة القدامى . ولو أرهفنا السمع

إلى ما وراء حجاب الصمت , لاستمعنا إلى

أحاديث الليل بين الأنبياء وزوجاتهم ,

وإلى إيقاعات الشعر الأولى , وإلى

شكوى الأباطرة من الضجر , وإلى حوافر

خيل في حرب مجهولة الزمان والمكان , وإلى

الموسيقى المصاحبة لطقس الدعارة المقدس ,

وإلى بكاء جلجامش على صاحبه أَنكيدو ,

وإلى حيرة القرد حين قفز من الشجرة

إلى عرش القبيلة , وإلى الشتائم المتبادلة

بين سارة وهاجر . لو أَرهفنا السمع

إلى صوت الصمت … لصار كلامنا أَقل !