واحد اثنان ثلاثة

صعد الممثِّل إلى خشبة المسرح مع مهندس

الصوت : واحد , اثنان , ثلاثة . توقَّفْ !

سنجرِّبُ الصوت مرة ثانية : واحد , اثنان ,

ثلاثة , توقَّفْ ! هل تفضّل قليلاً من الصدى؟

قال : لا أَعرف … افعل ما تشاء !. كانت

القاعة خالية تماماً . مئات المقاعد الخشبية

تحملق فيه بصمتِ مقبرةٍ جماعيّة , وتدعوه إلى

المغادرة أو إلى الانضمام إليها . آثر الخيار

الثاني , واختار مقعداً في الوسط …. ونام .

أَيقظه المخرجُ ليجري البروﭭـة الأخيرة . صعد

إلى الخشبة , وارتجل فصلاً طويلاً إذ أعجبته

فكرة أن يخاطب المقاعد الفارغة , وأن لا

يصفق له أَحد ما عدا المخرج . ثم ارتجل

فصلاً آخر بلا أَخطاء . وفي المساء , حين

امتلأت القاعة بالمشاهدين , ورُفِعَت الستارة ,

وقف واثقاً من سلامة الصمت…. نظر

إلى الصّفّ الأمامي , وتذكر نفسه جالساً

هناك , فارتبك . نسي النصَّ المكتوب

وتبخَّر النصُّ المرتجل … ونسي المشاهدين

واكتفي بتجريب الصوت : واحد , اثنان , ثلاثة

ثم كَرَّر : واحد , اثنان , ثلاثة … حتى

أُغمي عليه وضجَّت القاعة بالتصفيق !