وصف الغيوم

“لوصف الغيوم،

عليَّ أن أسرع كثيراً

فبعد هنيهة لن تكون ما هي

عليه, ستصير أخرى”

شيمبورسكا

وَصْفُ الغيوم مَهَارَةٌ لم أُوتَها…

أَمشي على جَبَلٍ وأنظُرُ من عَلٍ

نحو الغيوم،وقد تدلّتْ من مَدَار اللازَوَرْدِ

خفيفةً وشفيفةً,

كالقطن تحلجه الرياحُ،

كفكرةٍ بيضاءَ عن معنى الوجود.

لعلَّ آلهةً تنقِّحُ قصَّةَ التكوينِ

((لا شكلٌ نهائيٌ لهذا الكون…

لا تاريخَ للأشكالِ….))

أَنظُرُ من عَلٍ، وأرى انبثاقَ الشكلِ

من عَبَثيَّة اللاّشكلِ :

ريشُ الطير يَنْبُتُ في قُرون الأيَّل البيضاءِ،

وَجْهُ الكائن البشريّ يطلع من

جناح الطائر المائيِّ…

ترسُمُنا الغيومُ على وَتيرتها

وتختلط الوجوه مع الرؤى

لم يكتمل شيء ولا أَحد، فبعد هنيهة

ستصيرُ صورتُكَ الجديدةُ صُورَةَ النَّمِرِ

الجريحِ بصولجان الريحِ…

رسَّامون مجهولون ما زالوا أمامك

يلعبون, ويرسمون المُطْلَقَ الأبديَّ,

أبيضَ، كالغيوم على جدار الكونِ…

والشعراءُ يبنون المنازلَ بالغيومِ

ويذهبون…

لكُلِّ حسّ صورةٌ،

ولكُلِّ وقتٍ غيمةٌ،

لكن أَعمارَ الغيوم قصيرةٌ في الريح،

كالأبد المؤقت في القصائِد،

لا يزول ولا يدوم…

من حُسْن حظّي أَنني أَمشي على جَبَلٍ

وأَنظر من علٍ

نحو الغيوم….