يرى نفسه غائبا

أنا هنا منذ عشر سنوات . وفي هذا المساء ،

أجلس في الحديقة الصغيرة على كرسيّ من

البلاستيك ، وأنظر إلى المكان منتشياً بالحجر

الأحمر . أَعُدُّ الدرجات المؤدية إلى غرفتي

على الطابق الثاني . إحدى عشرة درجة. إلى

اليمين شجرةُ تين كبيرة تُظَلِّل شجيرات خوخ.

والى اليسار كنيسةٌ لثورية . وعلى جانب

الدرج الحجري بئر مهجورة ودلو صدئ وأزهار

غير مرويَّة تمتصّ حبيبات من حليب أوَّل الليل .

أنا هنا ، مع أربعين شخصاً ، لمشاهدة مسرحية قليلة

الكلام عن منع التجوُّل ، ينتشر أبطالها

المنسيّون في الحديقة وعلى الدرج والشرفة

الواسعة. مسرحية مرتجلة ، أو قيد التأليف ،

كحياتنا. أسترق النظر إلى نافذة غرفتي

المفتوحة وأتساءل : هل أنا هناك ؟

ويعجبني أن أدحرج السؤال على الدرج ،

وأدرجه في سليقة المسرحية : في الفصل

الأخير، سيبقى كل شيء على حاله …

شجرةُ التين في الحديقة. الكنيسةُ اللوثرية

في الجهة المقابلة. يوم الأحد في مكانه

من الرُزنامة. والبئر المهجورة والدلو الصدئ.

أما أنا ، فلن أكون في غرفتي ولا في

الحديقة . هكذا يقتضي النص : لا بد من

غائب للتخفيف من حمولة المكان !