أنس الطبيعة

جلستُ على بساط من رمالِ

خلالَ العُشْب والماءِ الزُّلالِ

وقد رقَّ النسيم، فكانَ أشهى

إلى قلب المحب من الوصالِ

طيورُ الأيك تصدح عن يميني

وماءُ النهر يهمس عن شمالي

وجيشُ الليل من أبناء حامٍ

يُغير على المزارع والتِّلال

وقد وليتُ شطرَ النجم وجهي

وألّف بيننا سهر الليالي

فخلتُ كأنني أسمو بروحي

إلى دنيا سوى دنيا الزوال

هنا تَتكشَّفُ الدنيا أمامي

ويسبحُ في مجاهلها خيالي

فأنت تخالني فردًا، وحولي

بناتُ الفكر تُسرف في الدلال

سكون الليل يُرهف غربَ حي

فأسمعُ وقْعَ أقدام النمال

ويملأ صمتُهُ نفسي خشوعًا

فتصفو صفوَ حبَّات اللآلي

وتُخفي الشمسُ كنهَ الكون عني

وألمحُهُ على ضوء الهلال

ولم أر كالطبيعة ذاتَ حسن

مباح تشتريه بغير مال

لئن يك تحت بطن الأرض كنزٌ

فكم كنزِ على قمم الجبال!

وإن يكُ في قرار البحر درٍّ

فكم في سطحه دُرَرٌ غوالي!

ظواهرُ ذاتُ ألسنة فِصاحٍ

تحدثنا بقدرة ذي الجلال!