بطش الضعيف

كأسٌ تدور على ثغورِ ظماءِ

مُلئتْ بذوب الفضَّة البيضاءِ

أقبلْتُ في ظمأٍ أُقَبِّل ثغرها

فإذا خيالي سابح في الماء

ألفيتهُ يحكي أديم إنائه

متلوِّنًا كتلوُّن الحرباء

فذكرت هذا الماءَ إذ هو دافقٌ

من ثَدْي كلِّ سحابة وطفاء

فإذا به جيشٌ يغر جحافلاً

حتى يضرِّج صفحة الغبراء

وذكرت هذا الماء إذْ ينساب في

جوف الصخور بباطن الصحراء

فإذا تجمَّد، زاد قدرًا حجمُه

فأذاب قلبَ الصخرة الصماء

وذكرتُ أنَّ المساء سلطَ غازه

فغزا زمانَ الناقة الوجناء

فإذا القطار ببأسه متحرّكٌ

ينساب مثلَ الحيَّة الرقطاء

وذكرت موجَ البحر إذ هو ثائرٌ

يرغي ويُزبد ساعةَ الأنواء

فإذا البوارج يضطرْبنَ حيالَه

مثل اضطراب الفكر في الأحشاء

وذكرت هوْلَ اليمِّ، إذ هو فاغرٌ

أفواهَه لتلقُّف الأحياء

وهنا رأيت الكأس تسقط من يدي

فظمئت، والماء القَراح إزائي!

ورأيت أنَّ الماء يستر بطشه

بستارتين: سلاسةٍ وصفاء