فلسفة الألم

وقائلٍ: كيف أنتَ في المحَنِ؟

فقلتُ: إلفان نحن من زمن

قد خُلقتَ لي، وقد خُلقتُ لها

من قبلِ أن لم تكن ولم أكن

إذا بدت بسمةٌ على شَفَتي

تشكو إلى الله غُربَةَ الوطن

تألبَّي يا خطوبُ، واحتَدِمي

عُودي كما تعدينَ لم يَلِن

ما عاد في الأرض حادثٌ جَلَلٌ

يحولُ بين الجفونِ والوسن

من طولِ إلفِ الأسى أنِستُ به

فإن أطالَ الجفاءَ، أوحشني

أكادُ ألاَّ أعُدَّ من عُمُري

يومي إذا ما خلا من الحزن

مَن كان حرُّ الهمومِ يَصهَرُهُ

فإِن حرَّ الهموم يصقلني

كم عَمَرتْ باليقين نفسي إن

زادت همومي، وفاضَ بي شَجَني

والهمُّ يجلو النفوسَ إن صَدئت

والهمُّ فيه رياضة البدن

واللهِ ما نَقمةٌ بلا عوَضٍ

كلاَّ، ولا نَعمةٌ بلا ثمن

كم مِنَّةٍ أعقبت أذى، وأذى

في طيِّه مِنَّةٌ من المِنَنِ

فَلْيُمْعنِ الدهرُ في مكايده

إن أنا لم أَضطلع بها، فمَن؟

لا يرني الناس شاكيًا أبدًا

فإنما يشتكي أخو الوهن

أعددتُ للحادثاتِ إن نزلت

صبر كريمٍ، بحَملها قمن

لا تذهب الحادثاتُ فِطنتهُ

إن هي طاشت بفطنَةِ الفَطِنِ

يسيرُ وسطَ الرُّعودِ متَّئِدًا

كأنه سائرٌ بلا أُذُن

تزينه عزَّةُ الملوك، على

جَفَافِ زادٍ، وملبَسٍ خَشِنِ

يشكو البِلى ثوبه العتيق، ولا

تشوبُهُ ذرَّةٌ من الدَّرن

ما أهون النفسَ والنفيس إِذا

ما بقى العرضُ غيرَ ممتهن!