قبرة الاحسان

حطَّتْ كالنَّغْمةِ في أُذُنِي

صفراءُ صداها يلسعُني

ويصب أساها في بدني

بارًا بالرحمة تسقيني

بثمالةِ قدحٍ مفتونِ

يترنَّح في كفِّ الساقي

ويجود بفضلةِ أرزاقِ

لم تلقَ لجرعتها كاسا

فأتتْ تتلمَّس أنفاسا

من صدرٍ صادٍ للكفنِ

لم ألق بها قطرة عرقٍ

ممَّ أغدقتُ على طُرُقي

من دمعٍ يوقظ لي رمقي

ويغطُّ بآهةِ مسكينِ

تتضورُ فيّ وتشويني

تتبرَّج في ضوءٍ جاثِ

كشعاعٍ مرّ بأجداثِ

عرَّاها زادًا للأزلِ

ولهاثًا حدَّق للأجلِ

وانقضّ ليشربَ من حُرَقي

***

تتحدر من كفٍّ عُليا

خاشعةِ الوخزةِ كالدنيا

سكبتْ لي وهمًا يُغريني

وربيعَ رياءٍ يرويني

وإذا ببقايا تغرفها

من كل يمينٍ تنزفها

لتُبلَّ بها صدأَ البؤسِ

وترش على كمد النفسِ

ذلاً بغياهبهِ أحيا

***

كالروح أتتني كالبغتهْ

تتساقط حولي من نبتهْ

كاذبةِ الرحمةِ منبتَّهْ

نفذت بالحسرةِ في كبدي

أغلالاً قابعةِ الأبدِ

تعلو وتخفّضُ نظراتي

وتضيءُ الذل بدعواتي

هالاتِ رياءٍ لأخيها

ولمن للأعينِ يعطيها

لتجوبَ الأرض على لفتهْ

***

حطّتْ وسمعت لها زجلاً

صيّرني عبدًا مبتهلا

ودعاءًا مقهورًا وَجِلا

يدعو ليمينٍ تُعطيني

ولقطرةِ ذلٍّ تكويني

وأنا الظمآن إلى حقي

في دربٍ لا يعرفُ رقي

ولشيءٍ سموه رزقي

سأواصلُ سيري لأراهُ

حرًّا لا تطرق عيناهُ

وسواهُ لا أعرف بدلاً