أجدك هذا مضجع الفخر والمجد

أَجدّك هَذا مضجعُ الفخرِ والمجدِ

وَمَأوى الكمالِ الفردِ والسؤدد العدِّ

أَجدّكَ قد ضمّ التراب مكارماً

بِها عنقُ العلياءِ قَد كان ذا عقدِ

أَجدّك يهوي البدرُ مِن أفقِ العلى

إِلى منزلٍ في الأرضِ دان على البعدِ

أَجدّكَ ما عاينتَ ليسَ توهُّماً

فَما في حياةٍ لأمري بعد من قصدِ

أَلا فجّعتنا الحادثاتُ بِمَن بهِ

عَلى حادثاتِ الدهرِ نعدو وَنَستعدي

فَقدناهُ فقدَ الشمسِ في ساعةِ الضّحى

وَفقد زلالٍ طابَ باليمن والرفدِ

عَهِدناهُ نسراً لَيس تدركهُ الدلا

فَكيفَ حَوت أبراجهُ حضرة اللحدِ

وَكانَ سريعاً للصريخِ جوابهُ

فَما بالُهُ ما إن يعيد ولا يبدي

محمّدُ عبّاس غَدا الدهر عابساً

تَبدّلَ مِن بعد البشاشة ذا وجدِ

كَأن لَم تكُن تاجاً عَلى هامة العلى

وَلا غرّةً في جبهة العلم والزهدِ

كَأن لَم تَكن أعتاب بابك ملجأ

لأهلِ النهى والفضلِ في الحل والعقدِ

كأن لَم تَكُن في مسندِ الدرسِ عائماً

وَأَلفاظكَ الأصداف للجوهر الفردِ

كَأن لَم تكن في مَجلسِ الحكم صارماً

يصمّمُ في أغراضه ماضيَ الحدِّ

كَأن لَم يكُ التنزيل من فيكَ يَكتسي

غلائلَ مِن حسنِ الإبانَةِ والسردِ

كَأن لَم تَكن فوقَ المنابرِ قارعاً

قُلوباً غَدَت أَقسى من الحجر الصلدِ

لَئِن جرّعَت مِن كأسِ فقدك علقماً

فَيا طالَما جرّعتها خالص الشهدِ

لَقد كُنت لِلخضرا شهاباً فَأَينما

تباعدُ عنها ماردَ الجنّ بالطردِ

تُحرّرُ لِلقربى منَ اللّه وحدهُ

رقاباً غَدَت في ربقةِ الأسر كالعبدِ

تَبوّأتَ مِن حكمِ اِبن داوودَ منزلاً

لِغيركم ما إن يرى قط من بعدِ

هَنيئاً لَكَ الأجرُ الّذي قد أوتيته

جِوارَ كريمٍ واسعِ الفضلِ والرفدِ

فَإنّ عِبادَ اللّه جلّ عياله

وَهُم لجنانِ الخلدِ أجدر بالودِّ

فَها كلُّهم يَدعو بقولِ مؤرّخٍ

محمّد عباس أنل جنّة الخلدِ