رنت بفواتر الأجفان سكرى

رَنَت بِفواترِ الأجفانِ سَكرى

فَخِلنا نَجلها بالغضّ خزرا

وَما خِلنا الفتورَ له فتونٌ

تُغالُ به النهى سكراً وسحرا

دَهَتنا وهيَ تلحظُ بِاِنكسارٍ

وَلَن نُدهى بلحظِ الأسدِ شَزرا

قَسيمةُ ظبيةٍ جيداً وطرفاً

وَخوطةُ بانةٍ قدّاً وَحِصرا

نَفورُ الدلّ آنسةُ السجايا

لَعوبُ الحسنِ بِالألبابِ قَسرا

يَجولُ بِخدّها ماءٌ وراحٌ

عَلى خفرٍ أَبى أَن يستقرّا

وَيَجلو وَجهُها روضاً نضيراً

وَيَحمي الوردَ والوِرد المقرّا

فَلا أَدري أَرِقراقاً وزهراً

تليحُ حلاهُ أَم بدراً وزهرا

إِذا قرّت بهِ الألحاظُ لَمحاً

غَدت دهراً بِه الأكبادُ حرّى

أَما وَعُيونُها الدعجُ اللّواتي

أَقامَت لِلهَوى العذريِّ عذرا

وَخالٌ بينَ قَوسَي حاجِبيها

بِحيثُ يكونُ قطبُ الحسنِ قرّا

وَفرعٌ ليلُهُ فرقٌ لفرقٍ

بِهِ صبحُ الجبيِن أَبانَ فَجرا

لَقَد غطّت عَلى بَصري وسَمعي

بِملثومٍ جَلا حَبباً ودرّا

فَبِالثغرِ النظيمِ تديرُ كأساً

وَبِالنطقِ الرخيمِ تُديرُ أخرى

شُغلتُ بِحبّها عَنها فَقلبي

لِصورَتها هُيولى لَيس يَعرى

أَهيمُ بِها وَلا يدري رقيبٌ

وَلا أَخشى لَها صدّاً وَهَجرا

وَربّتما يَخالُ الغرّ أنّي

صَحوتُ وَسمتُ إِقصاراً وصبرا

وَكيفَ يفيقُ مَن يُسقى بكأسٍ

يكرّرها التصوّرُ مُستمرّا

فَيا سرعانَ ما وطّنتُ نَفسي

عَلى ما غيرهُ بالحرّ أَحرى

عَصيتُ تجمّلي وَأطعتُ وجداً

يُسخّرني لَها سرّاً وجهرا

وَلَم أُعطِ الهوادةَ عَن هوانٍ

وَلا جَزعٍ لأن حمّلتُ إِصرا

وَلكنّي خَطَبتُ ظباءَ إنسٍ

جَعلتُ رِضاءهنّ عليّ مَهرا

أَفاطمُ هَل علمتِ مضاءَ عَزمي

وَمطمحَ همّتي نخواً وَكِبرا

وجودَ يديَّ وَإِقدامي وَبَأسي

وَصِدقي كلّما اِستسهَلت وَعرا

وَإنّي لا أسامُ الدهرَ ضيماً

وَلا أَعصي لِباغي العرفِ أَمرا

تَلينُ لِمَن يُسالِمُني قَناتي

وَتصلبُ إِن يرم ذو الغمزِ هصرا

وَإنّي لا أعدّ الوفرَ ذخراً

وَلكنّي أعدّ الذكرَ ذُخرا

وَما كلُّ الخلالِ تُذاع بأواً

وَما كلّ المذاعِ يصحّ سبرا

وَفي التجريبِ ما ينفي اِرتِياباً

وَيصدقُ سنّ بكرٍ عنه فرّا