أراك الحمى شوقي إليك شديد

أَرَاكَ الْحِمَى شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ

وصَبْرِي وَنَوْمِي في هَوَاكَ شَريدُ

مَضَى زَمَنٌ لَمْ يَأْتِنِي عَنْكَ قَادِمٌ

بِبُشْرَى ولَمْ يَعْطِفْ عَلَيَّ بَرِيدُ

وَحِيدٌ مِنَ الْخُلانِ في أَرْضِ غُرْبَةٍ

أَلا كُلُّ مَنْ يَبْغِي الْوَفَاءَ وَحِيدُ

فَهَلْ لِغَرِيبٍ طَوَّحَتْهُ يَدُ النَّوَى

رُجُوعٌ وَهَلْ لِلْحَائِمَاتِ وُرُودُ

وَهَلْ زَمَنٌ وَلَّى وَعَيْشٌ تَقَيَّضَتْ

غَضَارَتُهُ بَعْدَ الذَّهَابِ يَعُودُ

أُعَلِّلُ نَفْسِي بِالقَدِيمِ وَإِنَّما

يَلَذُّ اقْتِبَالُ الشَّيءِ وَهْوَ جَدِيدُ

وَمَا ذِكْرِيَ الأَيَّامَ إِلَّا لأَنَّها

ذِمَامٌ لِعِرْفَان الصِّبَا وَعُهودُ

فَلَيْسَ بِمَفْقُودٍ فَتىً ضَمَّهُ الثَّرَى

وَلَكِنَّ مَنْ غَالَ الْبِعَاد فَقِيدُ

أَلا أَيُّها الْيَوْمُ الَّذِي لَمْ أَكُنْ لَهُ

ذَكُوراً سِوَى أَنْ قِيلَ لِي هُوَ عِيدُ

أَتَسْأَلُنَا لُبْسَ الجَدِيدِ سَفَاهَةً

وَأَثْوابُنَا ما قَدْ عَلِمْتَ حَدِيدُ

فَحَظُّ أُناسٍ مِنْهُ كَأْسٌ وَقَيْنَةٌ

وَحَظُّ رِجالٍ ذُكْرَةٌ وَنَشِيدُ

لِيَهْنَ بِهِ مَنْ باتَ جَذْلانَ نَاعِماً

أَخَا نَشَوَاتٍ ما عَلَيْهِ حَقُودُ

تَرَى أَهْلَهُ مُسْتَبْشِرينَ بِقُرْبِهِ

فَهُمْ حَوْلَهُ لا يَبْرَحُونَ شُهُودُ

إِذَا سارَ عَنْهُمْ سَارَ وَهْوَ مُكَرَّمٌ

وَإِنْ عَادَ فِيهِمْ عَادَ وَهْوَ سَعِيدُ

يُخَاطِبُ كُلاً بِالَّذِي هُوَ أَهْلُهُ

فَمُبْدِئُ شكُرٍْ تَارَةً وَمُعِيدُ

فَمَنْ لِغَرِيبٍ سَرْنَسُوفُ مُقَامُهُ

رَمَتْ شَمْلَهُ الأَيَّامُ فَهْوَ لَهِيدُ

بِلادٌ بِهَا ما بِالْجَحِيمِ وإِنَّما

مَكَانَ اللَّظَى ثَلْجٌ بِهَا وَجَلِيدُ

تَجَمَّعَتِ الْبُلْغارُ وَالرُّومُ بَيْنَها

وزَاحَمَهَا التَّاتَارُ فَهْيَ حُشُودُ

إِذَا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ

هَدِيداً تَكَادُ الأَرْضُ مِنْهُ تَمِيدُ

قِبَاحُ النَّوَاصِي وَالْوُجُوهِ كَأَنَّهُمْ

لِغَيْرِ أَبِي هَذَا الأَنَامِ جُنُودُ

سَواسِيَةٌ لَيْسُوا بِنَسْلِ قَبيلَةٍ

فَتُعْرَف آباءٌ لَهُمْ وجُدُودُ

لَهُمْ صُوَرٌ لَيْسَتْ وُجُوهاً وإِنَّما

تُنَاطُ إِلَيْهَا أَعْيُنٌ وَخُدودُ

يَخُورُونَ حَولِي كَالْعُجُولِ وَبَعْضُهُمْ

يُهَجِّنُ لَحْنَ الْقَوْلِ حِينَ يُجِيدُ

أَدُورُ بِعَيني لا أَرَى بَيْنَهُمْ فَتىً

يَرُودُ مَعِي في الْقَوْلِ حَيْثُ أَرُودُ

فَلا أَنَا مِنْهُمْ مُسْتَفِيدٌ غَرِيبَةً

وَلا أَنَا فِيهِمْ ما أَقَمْتُ مُفِيدُ

فَمَنْ لِي بِأَيَّامٍ مَضَتْ قَبْلَ هَذِهِ

بِمِصْرَ وَعَيْشِي لَوْ يَدُومُ حَمِيدُ

عَسَى اللهُ يَقْضِي قُرْبَةً بَعْدَ غُرْبَةٍ

فَيَفْرَحَ بِاللُّقْيا أَبٌ وَوَليدُ