أسلة سيف أم عقيقة بارق

أَسَلَّةُ سَيْفٍ أَمْ عَقِيقَةُ بَارِقِ
أَضَاءَتْ لَنَا وَهْنَاً سَمَاوَةَ بَارِقِ
لَوَى الرَّكْبُ أَعْنَاقَاً إِلَيْهَا خَوَاضِعَاً
بِزَفْرَةِ مَحْزُونٍ وَنَظْرَةِ وَامِقِ
وَفِي حَرَكَاتِ الْبَرقِ لِلشَّوْقِ آيَةٌ
تَدُلُّ عَلَى مَا جَنَّهُ كُلُّ عَاشِقِ
تَفُضُّ جُفُوناً عَنْ دُمُوعٍ سَوَائِلٍ
وَتَفْرِي صُدُورَاً عَنْ قُلُوبٍ خَوَافِقِ
وَكَيْفَ يَعِي سِرَّ الْهَوَى غَيْرُ أَهْلِهِ
وَيَعْرِفُ مَعْنَى الشَّوْقِ مَنْ لَمْ يُفَارِقِ
لَعَمْرُ الْهَوَى إِنِّي لَدُنْ شَفَّنِي النَّوَى
لَفِي وَلَهٍ مِنْ سَوْرَةِ الْوَجْدِ مَاحِقِ
كَفَى بِمُقَامِي فِي سَرَنْدِيبَ غُرْبَةً
نَزَعْتُ بِهَا عَنِّي ثِيَابَ الْعَلائِقِ
وَمَنْ رَامَ نَيْلَ الْعِزِّ فَلْيَصْطَبِرْ عَلَى
لِقَاءِ الْمَنَايَا وَاقْتِحَامِ الْمَضَايِقِ
فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ رَنَّقْنَ مَشْرَبِي
وَثَلَّمْنَ حَدِّي بِالْخُطُوبِ الطَّوَارِقِ
فَمَا غَيَّرَتْنِي مِحْنَةٌ عَنْ خَلِيقَتِي
وَلا حَوَّلَتْنِي خُدْعَةٌ عَنْ طَرَائِقِي
وَلَكِنَّنِي بَاقٍ عَلَى مَا يَسُرُّنِي
وَيُغْضِبُ أَعْدَائِي وَيُرْضِي أَصَادِقي
فَحَسْرَةُ بُعْدِي عَنْ حَبِيبٍ مُصَادِقٍ
كَفَرْحَةِ بُعْدِي عَنْ عَدُوٍّ مُمَاذِقِ
فَتِلْكَ بِهَذِي وَالنَّجَاةُ غَنِيمَةٌ
مِنَ النَّاسِ وَالدُّنْيَا مَكِيدَةُ حَاذِقِ
أَلا أَيُّهَا الزَّارِي عَلَيَّ بِجَهْلِهِ
وَلَمْ يَدْرِ أَنِّي دُرَّةٌ فِي الْمَفَارِقِ
تَعَزَّ عَنِ الْعَلْيَاءِ بِاللُّؤْمِ وَاعْتَزِلْ
فَإِنَّ الْعُلا لَيْسَتْ بِلَغْوِ الْمَنَاطِقِ
فَمَا أَنَا مِمَّنْ تَقْبَلُ الضَّيْمَ نَفْسُهُ
وَيَرْضَى بِمَا يَرْضَى بِهِ كُلُّ مَائِقِ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَنْهَضْ لِمَا فِيهِ مَجْدُهُ
قَضَى وَهْوَ كَلٌّ فِي خُدُورِ الْعَوَاتِقِ
وَأَيُّ حَيَاةٍ لاِمْرِئٍ إِنْ تَنَكَّرَتْ
لَهُ الْحَالُ لَمْ يَعْقِدْ سُيُورَ الْمَنَاطِقِ
فَمَا قُذُفَاتُ الْعِزِّ إِلَّا لِمَاجِدٍ
إِذَا هَمَّ جَلَّى عَزْمُهُ كُلَّ غَاسِقِ
يَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّنِي ثُرْتُ خَالِعاً
وَتِلْكَ هَنَاتٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَلائِقِي
وَلَكِنَّنِي نَادَيْتُ بِالْعَدْلِ طَالِبَاً
رِضَا اللَّهِ وَاسْتَنْهَضْتُ أَهْلَ الْحَقَائِقِ
أَمَرْتُ بِمَعْرُوفٍ وَأَنْكَرْتُ مُنْكَراً
وَذَلِكَ حُكْمٌ فِي رِقَابِ الْخَلائِقِ
فَإِنْ كَانَ عِصْيَاناً قِيَامِي فَإِنَّنِي
أَرَدْتُ بِعِصْيَانِي إِطَاعَةَ خَالِقِي
وَهَلْ دَعْوَةُ الشُّورَى عَلَيَّ غَضَاضَةٌ
وَفِيهَا لِمَنْ يَبْغِي الْهُدَى كُلُّ فَارِقِ
بَلَى إِنَّها فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ
عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْ مَسُوقٍ وَسَائِقِ
وَكَيْفَ يَكُونُ الْمَرْءُ حُرَّاً مُهَذَّباً
وَيَرْضَى بِمَا يَأْتِي بِهِ كُلُّ فَاسِقِ
فَإِنْ نَافَقَ الأَقْوَامُ فِي الدِّينِ غَدْرَةً
فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ غَيْرُ مُنَافِقِ
عَلَى أَنَّنِي لَمْ آلُ نُصْحَاً لِمَعْشَرٍ
أَبَى غَدْرُهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا قَوْلَ صَادِقِ
رَأَوْا أَنْ يَسُوسُوا النَّاسَ قَهْرَاً فَأَسْرَعُوا
إِلَى نَقْضِ مَا شَادَتْهُ أَيْدِي الْوَثَائِقِ
فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الظُّلْمُ قَامَتْ عِصَابَةٌ
مِنَ الْجُنْدِ تَسْعَى تَحْتَ ظِلِّ الْخَوَافِقِ
وَشَايَعَهُمْ أَهْلُ الْبِلادِ فَأَقْبَلُوا
إِلَيْهِمْ سِرَاعاً بَيْنَ آتٍ وَلاحِقِ
يَرُومُونَ مِنْ مَوْلَى الْبِلادِ نَفَاذَ مَا
تَأَلَّاهُ مِنْ وَعْدٍ إِلَى النَّاسِ صَادِقِ
فَلَمَّا أَبَى الْحُكَّامُ إِلَّا تَمَادِيَاً
وَحَالَ طِلابُ الْحَقِّ دُونَ التَّوَافُقِ
أُنَاسٌ شَرَوْا خِزْيَ الضَّلالَةِ بِالْهُدَى
نِفَاقاً وَبَاعُوا الدِّينَ مِنْهُم بِدَانِقِ
فَجَاؤُوا إِلَيْهِمْ يَنْصُرُونَ ضَلالَهُمْ
بِخُدْعَةِ مُغْتَالٍ وَحِيلَةِ سَارِقِ
فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا فِي الْبِلادِ وَأَيْقَنُوا
بِعَجْزِ الْمُحَامِي دُونَهَا وَالْموَاثِقِ
أَقَامُوا وَقَالُوا تِلْكَ يَا قَوْمُ أَرْضُنَا
وَمَا أَحَدٌ مِنَّا لَهَا بِمُفَارِقِ
وَعَاثُوا بِهَا يَنْفُونَ مَنْ خِيفَ بِأْسُهُ
عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ تِلْكَ إِحْدَى الْبَوائِقِ
وَأَصْبَحَ وَادِي النَّيلِ نَهْبَاً وَأَصْبَحَتْ
إِمَارَتُهُ الْقَعْسَاءُ نُهْزَةَ مَارِقِ
فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ فَلا تَسَلْ
سِوَايَ فَإِنِّي عَالِمٌ بِالْحَقَائِقِ
فَيَا مِصْرُ مَدَّ اللهُ ظِلَّكِ وَارْتَوَى
ثَرَاكِ بِسَلْسَالٍ مِنَ النِّيلِ دَافِقِ
وَلا بَرِحَتْ تَمْتَارُ مِنْكِ يَدُ الصِّبَا
أَرِيجَاً يُدَاوِي عَرْفُهُ كُلَّ نَاشِقِ
فَأَنْتِ حِمَى قَوْمِي وَمَشْعَبُ أُسْرَتِي
وَمَلْعَبُ أَتْرَابِي وَمَجْرَى سَوَابِقِي
بِلادٌ بِهَا حَلَّ الشَّبَابُ تَمَائِمِي
وَنَاطَ نِجَادَ الْمَشْرَفِيِّ بِعَاتِقِي
إِذَا صَاغَهَا بَهْزَارُ فِكْرِي تَصَوَّرَتْ
لِعَيْنِي فِي زِيٍّ مِنَ الْحُسْنِ رَائِقِ
تَرَكْتُ بِهَا أَهْلاً كِرَاماً وَجِيرَةً
لَهُمْ جِيرَةٌ تَعْتَادُنِي كُلَّ شَارِقِ
هَجَرْتُ لَذِيذَ الْعَيْشِ بَعْدَ فِراقِهِمْ
وَوَدَّعْتُ رَيْعَانَ الشَّبَابِ الْغُرانِقِ
فَهَلْ تَسْمَحُ الأَيَّامُ لِي بِلِقَائِهِمْ
وَيَسْعَدُ فِي الدُّنْيَا مَشُوقٌ بِشَائِقِ
لَعَمْرِي لَقَدْ طَالَ النَّوَى وَتَقَطَّعَتْ
وَسَائِلُ كَانَتْ قَبْلُ شَتَّى الْمَوَاثِقِ
فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ سَاءَتْ صُرُوفُهَا
فَإِنِّي بِفَضْلِ اللهِ أَوَّلُ وَاثِقِ
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ
وَيَرْجِعُ لِلأَوْطَانِ كُلُّ مُفَارِقِ
- Advertisement -