خلعت في حب غزلان الحمى رسني

خَلَعْتُ فِي حُبِّ غِزْلانِ الْحِمَى رَسَنِي

وَبِعْتُ بِالسُّهْدِ فِي لَيْلِ الْهَوَى وَسَنِي

وَأَعْجَبَتْنِي عَلَى ذَمِّ الْعَذُولِ لَهَا

صَبَابَةٌ نَقَلَتْ سِرِّي إِلَى الْعَلَنِ

فَلْيَبْلُغِ الْعَذْلُ مِنِّي مَا أَرَادَ فَقَدْ

أَسْلَمْتُ لِلشَّوْقِ رُوحِي وَالضَّنَى بَدَنِي

تِلْكَ الْحَمَائِمُ لَوْ تَدْرِي بِمَا لَقِيَتْ

أَهْلُ الْمَحَبَّةِ لَمْ تَسْجَعْ عَلَى فَنَنِ

يَا رَبَّةَ الْخِدْرِ قُومِي فَانْظُرِي عَجَباً

إِلَى غَرَائِبَ لَمْ تُقْدَرْ وَلَمْ تَكُنِ

هَذِي يَدِي جَسَّهَا الآسِي وَخَامَرَهُ

يَأْسٌ فَغَادَرَهَا صَرْعَى مِنَ الْوَهَنِ

وَقَالَ لا تَكْتُمَنْ أَمْرَاً عَلَيَّ فَقَدْ

عَلِمْتُ مَا بِكَ مِنْ بَادٍ وَمُكْتَمِنِ

فَلَمْ أُجِبْ غَيْرَ أَنَّ الدَّمْعَ نَمَّ عَلَى

وَجْدِي وَدَلَّتْهُ أَنْفَاسِي عَلَى شَجَنِي

عَطْفاً عَلَيَّ فَلَمْ أَطْلُبْ إِلَيْكِ سِوَى

أَنْ أُمْتِعَ الْعَيْنَ مِنْ تِمْثَالِكِ الْحَسَنِ

مَا لِلْعَذُولِ رَأَى وَجْدِي فَأَحْفَظَهُ

حَتَّى أَتَاكُمْ بِقَوْلٍ مِنْ هَنٍ وَهَنِ

لا تَقْبَلِي الْعَذْلَ فِي مِثْلِي فَكُلُّ فَتَىً

حُرِّ الشَّمَائِلِ مَحْسُودٌ عَلَى الْفِطَنِ

وَالنَّاسُ أَعْدَاءُ أَهْلِ الْفَضْلِ مُذْ خُلِقُوا

مِنْ عَهْدِ آدَمَ سَبَّاقُونَ فِي الإِحَنِ

فَلا صَدِيقَ عَلَى وُدٍّ بِمُتَّفِقٍ

وَلا خَلِيلَ عَلَى سِرٍّ بِمُؤْتَمَنِ

فَلَيْتَ لِي وَدَوَاعِي النَّفْسِ كَاذِبَةٌ

خِلاً يَكُونُ سُرُورَ الْعَيْنِ وَالأُذُنِ

أُصْفِيهِ وُدِّي وَأُمْلِيهِ الْهَوَى وَأَرَى

مِنْهُ الصَوَابَ وَأَرْجُوهُ عَلَى الزَّمَنِ

هَيْهَاتَ أَطْلُبُ أَمْرَاً لَيْسَ يَبْلُغُهُ

حَيٌّ وَلَوْ سَارَ مِنْ هِنْدٍ إِلَى يَمَنِ

مَهْلاً أَخَا الْجَهْلِ لا يُغْوِيكَ مَا نَظَرَتْ

عَيْنَاكَ فِي هذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْفِتَنِ

هذِي الْبَرِيَّةُ فَانْظُرْ إِنْ وَجَدْتَ بِهَا

غَيْرَ الَّذِي قُلْتُ فَاهْجُرْنِي وَلا تَرَنِي

أَنَا الَّذِي عَرَفَ الأَيَّامَ وَانْكَشَفَتْ

لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ

طُفْتُ الْبِلادَ وَجَرَّبْتُ الْعِبَادَ فَلَمْ

أَرْكَنْ لِخِلٍّ وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ

خُلِقْتُ حُرّاً فَلا قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ

عِنْدَ الْمُلُوكِ وَلا عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ

لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى أَنِّي عَتَبْتُ عَلَى

دَهْرِي فَقَدَّمَ مَنْ دُونِي وَأَخَّرَنِي

وَهَذِهِ شِيمَةُ الدُّنْيَا وَمِنْ عَجَبٍ

أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي

لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ

يَفِي بِقَدْرِ الَّذِي يَمْضِي مِنَ الْحَزَنِ

فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً

وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِرْبَالِكَ الْخَشِنِ

وَلا تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ إِنَّ بِهِ

شَرَّ الْحَيَاةِ وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ

وَلا تَسَلْ أَحَداً عَوْناً عَلَى أَمَلٍ

حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ

خَيْرُ الْمَعِيشَةِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً

هَوْناً وَثَوْبُكَ مَعْصُومٌ مِنَ الدَّرَنِ

وَعَاشِرِ النَّاسَ بِالْحُسْنَى فَإِنْ عَرَضَتْ

إِسَاءَةٌ فَتَغَمَّدْهَا عَلَى الظِّنَنِ

فَالصَّفْحُ عَنْ بَعْضِ مَا يُمْنَى الْكَرِيمُ بِهِ

فَضْلٌ يَطِيرُ بِهِ شُكْرٌ بِلا ثَمَنِ

هَذَا الطَّرِيقُ فَإِنْ أَخْطَأْتَ شِرْعَتَهُ

أَضَعْتَ نَفْسَكَ بَيْنَ الْحَوْضِ وَالْعَطَنِ