لأي خليل في الزمان أرافق

لِأَيِّ خَلِيلٍ فِي الزَّمَانِ أُرَافِقُ

وَأَكْثَرُ مَنْ لاقَيْتُ خِبٌّ مُنَافِقُ

بَلَوْتُ بَنِي الدُّنْيَا فَلَمْ أَرَ صَادِقَاً

فَأَيْنَ لَعَمْرِي الأَكْرَمُونَ الأَصَادِقُ

أُحَاوِلُ أَمْرَاً قَصَّرَتْ دُونَهُ النُّهَى

وَشَابَتْ وَلَمْ تَبْلُغْ مَدَاهُ الْمَفَارِقُ

وَأَعْظَمُ مَا تَرْجُوهُ مَا لا تَنَالُهُ

وَأَكْثَرُ مَنْ تَلْقَاهُ مَنْ لا يُوَافِقُ

وَمَا كُلُّ مَنْ حَدَّ الرَّوِيَّةَ حَازِمٌ

وَلا كُلُّ مَنْ رَامَ السَّوِيَّةَ فَارِقُ

أَضَعْتُ زَمَانِي بَيْنَ قَوْمٍ لَوَ انَّ لِي

بِهِمْ غَيْرَهُمْ مَا أَرْهَقَتْنِي الْبَوائِقُ

فَإِنْ أَكُ مُلْقَى الرَّحْلِ فِيهِمْ فَإِنَّنِي

لَهُمْ بِالْخِلالِ الصَّالِحَاتِ مُفَارِقُ

مَعَاشِرُ سَادُوا بِالنِّفَاقِ وَمَا لَهُمْ

أُصُولٌ أَظَلَّتْهَا فُرُوعٌ بَوَاسِقُ

فَأَعْلَمُهُمْ عِنْدَ الْخُصُومَةِ جَاهِلٌ

وَأَتْقَاهُمُ عِنْدَ الْعَفَافَةِ فَاسِقُ

طَلاقَةُ وَجْهٍ تَحْتَهَا الْغَيْظُ كَاشِرٌ

وَنَغْمَةُ وُدٍّ بَيْنَهَا الْغَدْرُ نَاعِقُ

وَأَخْلاقُ صِبْيَانٍ إِذَا ما بَلَوْتَهُمْ

عَلِمْتَ بِأَنَّ الْجَهْلَ فِي النَّاسِ نَافِقُ

تَعَلَّمْتُ كَظْمَ الْغَيظِ فِيهِمْ وَإِنَّهُ

لَحِلْمٌ وَلَكِنْ لِلْحَفِيظَةِ مَاحِقُ

دَعَوْنِي إِلَى الْجُلَّى فَقُمْتُ مُبَادِراً

وَإِنِّي إِلَى أَمْثَالِ تِلْكَ لَسَابِقُ

فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الْجِدُّ سَاقُوا حُمُولَهُمْ

إِلَى حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَادٍ وَسَائِقُ

فَلا رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً بَاعَ دِينَهُ

بِدُنْيَا سِوَاهُ وَهْوَ لِلْحَقِّ رَامِقُ

عَلَى أَنَّنِي حَذَّرْتُهُمْ غِبَّ أَمْرِهِمْ

وَأَنْذَرْتُهُمْ لَوْ كَانَ يَفْقَهُ مَائِقُ

وَقُلْتُ لَهُمْ كُفُّوا عَنِ الشَّرِّ تَغْنَمُوا

فَلِلشَّرِّ يَوْمٌ لا مَحَالَةَ مَاحِقُ

فَظَنُّوا بِقَوْلِي غَيْرَ مَا فِي يَقِينِهِ

عَلَى أَنَّنِي فِي كُلِّ مَا قُلْتُ صَادِقُ

فَهَلْ عَلِمُوا أَنِّي صَدَعْتُ بِحُجَّتِي

وَقَدْ ظَهَرَتْ بَعْدَ الْخَفَاءِ الْحَقَائِقُ

فَتَبَّاً لَهُمْ مِنْ مَعْشَرٍ لَيْسَ فِيهِمُ

رَشِيدٌ وَلا مِنْهُمْ خَلِيلٌ مُصَادِقُ

ظَنَنْتُ بِهِمْ خَيْرَاً فَأُبْتُ بِحَسْرَةٍ

لَهَا شَجَنٌ بَيْنَ الْجَوَانِحِ لاصِقُ

فَيَا لَيْتَنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي وَلَمْ أَكُنْ

زَعِيمَاً وَعَاقَتْنِي لِذَاكَ الْعَوائِقُ

وَيَا لَيْتَنِي أَصْبَحْتُ فِي رَأْسِ شَاهِقٍ

وَلَمْ أَرَ مَا آلَتْ إِلَيهِ الْوَثَائِقُ

هُمْ عَرَّضُونِي لِلْقَنَا ثُمَّ أَعْرَضُوا

سِرَاعاً وَلَمْ يَطْرُقْ مِنَ الشَّرِّ طَارِقُ

وَقَدْ أَقْسَمُوا أَلَّا يَزُولُوا فَمَا بَدَا

سَنَا الْفَجْرِ إِلَّا وَالنِّسَاءُ طَوَالِقُ

مَضَوا غَيْرَ مَعْذُورِينَ لا النَّقْعُ سَاطِعٌ

وَلا الْبِيضُ فِي أَيْدِي الْكُمَاةِ دَوَالِقُ

وَلَكِنْ دَعَتْهُمْ نَبْأَةٌ فَتَفَرَّقُوا

كَمَا انْقَضَّ في سِرْبٍ مِنَ الطَّيْرِ بَاشِقُ

فَكَمْ آبِقٍ تَلْقَاهُ مِنْ غَيْرِ طَارِدٍ

وَكَمْ واقِفٍ تَلْقَاهُ وَالْعَقْلُ آبِقُ

إِذَا أَبْصَرُوا شَخْصَاً يَقُولُونَ جَحْفَلٌ

وَجُبْنُ الْفَتَى سَيْفٌ لِعَيْنَيْهِ بَارِقُ

أُسُودٌ لَدَى الأَبْيَاتِ بَيْنَ نسَائِهِمْ

وَلَكِنَّهُمْ عِنْدَ الْهيَاجِ نَقَانِقُ

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَنْهَضْ بِقَائِمِ سَيْفِهِ

فَيَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ تُحْمَى الْحَقَائِقُ