لبيك يا داعي الأشواق من داعي

لَبَّيْكَ يَا دَاعِيَ الأَشْوَاقِ مِنْ دَاعِي

أَسْمَعْتَ قَلْبِي وَإِنْ أَخْطَأْتَ أَسْمَاعِي

مُرْنِي بِمَا شِئْتَ أَبْلُغْ كُلَّ مَا وَصَلَتْ

يَدِي إِلَيْهِ فَإِنِّي سَامِعٌ وَاعِي

فَلا وَرَبِّكَ مَا أُصْغِي إِلَى عَذَلٍ

وَلا أُبِيحُ حِمَى قَلْبِي لِخَدَّاعِ

إِنِّي امْرُؤٌ لا يَرُدُّ الْعَذْلُ بَادِرَتِي

وَلا تَفُلُّ شَبَاةُ الْخَطْبِ إِزْمَاعِي

أَجْرِي عَلَى شِيمَةٍ فِي الْحُبِّ صَادِقَةٍ

لَيْسَتْ تَهُمُّ إِذَا رِيعَتْ بِإِقْلاعِ

لِلْحُبِّ مِنْ مُهْجَتِي كَهْفٌ يَلُوذُ بِهِ

مِنْ غَدْرِ كُلِّ امْرِئٍ بِالشَّرِّ وَقَّاعِ

بَذَلْتُ فِي الحُبِّ نَفْسِي وَهْيَ غَالِيَةٌ

لِبَاخِلٍ بِصَفَاءِ الْوُدِّ مَنَّاعِ

أَشْكُو إِلَيْهِ وَلا يُصْغِي لِمَعْذِرَتِي

مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ جَنَتْهُ النَّفْسُ أَوْ دَاعِي

وَيْلاهُ مِنْ حَاجَةٍ فِي النَّفْسِ هَامَ بِهَا

قَلْبِي وَقَصَّرَ عَنْ إِدْرَاكِهَا بَاعِي

أَسْعَى لَهَا وَهْيَ مِنِّي غَيْرُ دَانِيَةٍ

وَكَيْفَ يَبْلُغُ شَأْوَ الْكَوْكَبِ السَّاعِي

يَا حَبَّذَا جُرْعَةٌ مِنْ مَاءِ مَحْنِيَةٍ

وَضَجْعَةٌ فَوْقَ بَرْدِ الرَّمْلِ بِالْقاعِ

وَنَسْمَةٌ كَشَمِيمِ الْخُلْدِ قَدْ حَمَلَتْ

رَيَّا الأَزَاهِيرِ مِنْ مِيثٍ وَأَجْرَاعِ

يَا هَلْ أَرَانِي بِذَاكَ الْحَيِّ مُجْتَمِعَاً

بِأَهْلِ وَدِّي مِنْ قَوْمِي وَأَشْيَاعِي

وَهَلْ أَسُوقُ جَوَادِي لِلطِّرَادِ إِلَى

صَيْدِ الْجَآذِرِ فِي خَضْرَاءَ مِمْرَاعِ

مَنَازِلٌ كُنْتُ مِنْهَا فِي بُلَهْنِيَةٍ

مُمَتَّعاً بَيْنَ غِلْمَانِي وَأَتْبَاعِي

إِذَا أَشَرْتُ لَهُمْ فِي حاجَةٍ بَدَرُوا

قَضَاءَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلْمَاعِي

يَخْشَى الْبَلِيغُ لِسَانِي قَبْلَ بَادِرَتِي

وَيُرْعَدُ الْجَيْشُ بِاسْمِي قَبْلَ إِيقَاعِي

فَالْيَوْمَ أَصْبَحْتُ لا سَهْمِي بِذِي صَرَدٍ

إِذَا رَمَيْتُ وَلا سَيْفِي بِقَطَّاعِ

أَبِيتُ فِي قُنَّةٍ قَنْوَاءَ قَدْ بَلَغَتْ

هَامَ السِّمَاكِ وَفَاتَتْهُ بِأَبْوَاعِ

يَسْتَقْبِلُ الْمُزْنُ لِيَتَيْهَا بِوَابِلِهِ

وَتَصْدِمُ الرِّيحُ جَنْبَيْهَا بِزَعْزَاعِ

يَظَلُّ شِمْرَاخُهَا يَبْساً وَأَسْفَلُهَا

مُكَلَّلاً بِالنَّدَى يَرْعَى بِهِ الرَّاعِي

إِذَا الْبُرُوقُ ازْمَهَرَّتْ خِلْتَ ذِرْوَتَهَا

شَهْماً تَدَرَّعَ مِنْ تِبْرٍ بِأَدْرَاعِ

تَكَادُ تَلْمِسُ مِنْهَا الشَّمْسَ دَانِيَةً

وَتَحْبِسُ الْبَدْرَ عَنْ سَيْرٍ وَإِقْلاعِ

أَظَلُّ فِيهَا غَرِيبَ الدَّارِ مُبْتَئِساً

نَابِي الْمَضَاجِعِ مِنْ هَمٍّ وَأَوْجَاعِ

لا فِي سَرَنْدِيبَ خِلٌّ أَسْتَعِينُ بِهِ

عَلَى الْهُمومِ إِذَا هَاجَتْ وَلا رَاعِي

يَظُنُّنِي مَنْ يَرَانِي ضَاحِكَاً جَذِلاً

أَنِّي خَلِيٌّ وَهَمِّي بَيْنَ أَضْلاعِي

وَلا وَرَبِّكَ مَا وَجْدِي بِمُنْدَرِسٍ

عَلَى البِعَادِ وَلا صَبْرِي بِمِطْوَاعِ

لَكِنَّنِي مَالِكٌ حَزْمِي وَمُنْتَظِرٌ

أَمْرَاً مِنَ اللَّهِ يَشْفِي برْحَ أَوْجَاعِي

أَكُفُّ غَرْبَ دُمُوعِي وَهْيَ جَارِيَةٌ

خَوْفَ الرَّقِيبِ وَقَلْبِي جدُّ مُلْتُاعِ

فَإِنْ يَكُنْ سَاءَنِي دَهْرِي وَغَادَرَنِي

رَهْنَ الأَسَى بَيْنَ جَدْبٍ بَعْدَ إِمْرَاعِ

فَإِنَّ فِي مِصْرَ إِخْوَاناً يَسُرُّهُمُ

قُرْبِي وَيُعْجِبُهُمْ نَظْمِي وَإِبْدَاعِي