للشعر في الدهر حكم لا يغيره

لِلشِّعْرِ في الدَّهْرِ حُكْمٌ لا يُغَيِّرُهُ
مَا بِالْحَوادِثِ مِنْ نَقْضٍ وَتَغْيِيرِ
يَسْمُو بِقَوْمٍ وَيَهْوِي آخَرُونَ بِهِ
كَالدَّهْرِ يَجْرِي بِمَيْسُورٍ وَمَعْسُورِ
لَهُ أَوَابِدُ لا تَنْفَكُّ سَائِرَةً
فِي الأَرْضِ مَا بَيْنَ إِدْلاجٍ وَتَهْجِيرِ
مِنْ كُلِّ عَائِرَةٍ تَسْتَنُّ فِي طَلَقٍ
يَغْتَالُ بِالْبُهْرِ أَنْفَاسَ الْمَحَاضِيرِ
تَجْرِي مَعَ الشَّمْسِ فِي تَيَّارِ كَهْرَبَةٍ
عَلَى إِطارٍ مِنَ الأَضَواءِ مَسْعُورِ
تُطَارِدُ الْبَرْقَ إِنْ مَرَّتْ وَتَتْرُكُهُ
فِي جَوْشَنٍ مِنْ حَبِيكِ الْمُزْنِ مَزْرُورِ
صَحَائِفٌ لَمْ تَزَلْ تُتْلَى بِأَلْسِنَةٍ
لِلدَّهْرِ في كُلِّ نَادٍ مِنْهُ مَعْمُورِ
يَزْهَى بِهَا كُلُّ سَامٍ فِي أَرُومَتِهِ
وَيَتَّقِي الْبَأْسَ مِنْهَا كُلُّ مَغْمُورِ
فَكَمْ بِهَا رَسَخَتْ أَرْكَانُ مَمْلَكَةٍ
وَكَمْ بِهَا خَمَدَتْ أَنْفَاسُ مَغْرُورِ
وَالشِّعْرُ دِيوانُ أَخْلاقٍ يَلوحُ بِهِ
مَا خَطَّهُ الْفِكْرُ مِنْ بَحْثٍ وَتَنْقِيرِ
كَمْ شَادَ مَجْدَاً وَكَمْ أَوْدَى بِمَنْقَبَةٍ
رَفْعاً وَخَفْضَاً بِمَرْجُوٍّ وَمَحْذُورِ
أَبْقَى زُهَيْرٌ بِهِ مَا شَادَهُ هَرِمٌ
مِنَ الْفَخَارِ حَدِيثاً جدَّ مَأْثُورِ
وَفَلَّ جَرْوَلُ غَرْبَ الزِّبْرِقَانِ بِهِ
فَبَاءَ مِنْهُ بِصَدْعٍ غَيْرِ مَجْبُورِ
أَخْزَى جَرِيرٌ بِهِ حَيَّ النُّمَيْرِ فَمَا
عَادُوا بِغَيْرِ حَدِيثٍ مِنْهُ مَشْهُورِ
لَوْلا أَبُو الطَّيِّبِ الْمَأْثُورُ مَنْطِقُهُ
مَا سَارَ فِي الدَّهْرِ يَوْمَاً ذِكْرُ كَافُورِ
- Advertisement -