أشف الوجد ما أبكى العيونا

أشفُّ الوجدِ ما أبكى العيوناَ

وأشفى الدمع ما نكأ الجفونا

فيا ابن الأربعين اركبْ سفينا

مِنَ التقوى فقد عُمّرت حينا

ونحْ إن كنتَ من أصحاب نوحٍ

لكي تنجو نجاة الأربعينا

بدا للشيبُ في فودْيك رقمٌ

فيا أهلَ الرقيم أتسمعونا

لأنتمُ أهل كهفٍ قد ضربنا

على آذانهم فيه سنينا

رأيتُ الشيبَ يجري في سوادٍ

بياضاً لا كعقل الكاتبينا

وقد يجري السواد على بياضٍ

فكان الحسنُ فيه مستبينا

فهذا العكسُ يؤذن بانعكاسِ

وقد أشعرتُمُ لو تشعرونا

نباتٌ هاج ثم يُرى حطاما

وهذا اللحظ قد شملَ العيونا

نذيرٌ جاءكم عريانَ يعدو

وأنتم تضحكون وتلعبونا

أُخَيَّ إلى متى هذا التصابي

جننتَ بهذه الدنيا جنونا

هيَ الدنيا وإن وصلت وبرت

فكم قطعت وكم تركت بنينا

فلا تخدعك أيام تليها

ليالٍ واخشها بيضاً وجونا

فذاك إذا نظرتَ سلاح دنيا

تعيدُ حراكَ ساكنها سكونا

وَبينَ يديكَ يومٌ أيُّ يومٍ

يدينك فيه ربُّ الناس دينا

فإما دارُ عزّ ليس يفنى

وإما دار هُون لن يهونا

فطوبى في غدٍ للمتقينا

وويلٌ في غدٍ للمجرمينا

وآهٍ ثم آهٍ ثم آهٍ

على نفسي أكررّها مئينا

أخي سمعتَ هذا الوعظ أم لا

ألا يا ليتني في السامعينا

إذا ما الوعظُ لم يُورد بصدق

فلا خسرٌ كخسر الواعظينا