جاء المصيف فجفت الأنداء

جاء المصيف فجفّت الأنداء

وشكت يبوستها به الأشياء

وتوقّدت عند الهجيرة شمسه

فتلمّظت بلعابها الصحراء

وعلى الديار تراكمت من شمسه

ملء الفضاء حرارة وضياء

فعلى من الشمس المنيرة أصبحت

غضبي تجيش بصدرها الشحناء

مدّت الينا في الهجير أشعةّ

كالكهرباءة نارها بيضاء

فحكت أشعتها حراباً أشرعت

بيضاً فما بحديدها أصداء

حتى استجار الليل من لفحاتها

ركبٌ سرَوا فهدتهم الجَوزاء

أنظر إلى الحسناء في رأد الضحا

تمشي فتلفح وجها الرمضاء

وتمرّ لاغبة وفوق جبينها

عرق ووجنة خدّها حمراء

أن كان حرّ الشمس لوّح وجها

فكذاك تؤذي الضَرّة الوَرهاء

إني لأغفر للمصيف ذنوبه

ولو أن غارة هَيفه شعواء

فالصيف أرأف بالفقير من الشتا

ولذا تحبّ قدومه الفقراء

قلّت به الحاجات فالفقراء في

أيامه والأغنياء سواء

من كان أعوَزه كساءٌ منهم

فالصيف مِلحفةٌ له وكساء

والأرض أن طلبوا الرقاد وطؤهم

من دون منًّ والسماء غطاء

ولئن يكن كدر النهار فلَيله

طَلق وفي وجه السماء صفاء

ولئن قسا عند الهجير فريحه

هبّت بحاشيتيه وهي رخاء

أضحى فطابت في ضحاه ظلاله

وأتى الأصيل فطابت الأفياء

والصيف أحسن ما به لمشاهد

صبح أغرّ وليلة قمراء

وأجلّ ما يرتاد فيه جنينةٌ

ترف الظلال بها ويجري الماء

فعليك فيه بسرحة في منبع

تحنو عليك غصونها الخضراء