من سامع قصة لي كنت شاهدها

مَن سامعٌ قصةً لي كنت شاهدها

على الربا الخضر من جنّات لبنان

فقد رأيت غلاماً صيغ منفرداً

بالحسن يصبو إليه كل إنسان

البدر يبدو حقيراً عند طلعته

والشمس تعنو لوجهٍ منه نوراني

في عينه حور في ثغره شنب

يفترّ عن عقد دّرٍ وسط مرجان

إذا رنا ناظراً يرنو بساحرة

أو انثنى ينثني عن عطف نشوان

عليه ثوب بديع النسج طرته

من صبغة المجد قد زينت بألوان

في جانب منه تلقى الدرّ منتظماً

والدرّ منتثراً في الجانب الثاني

وللعواطف في أثنائه صور

جادت بها ريشة في كفّ فنّان

تفاوح الطيب من أردانه عبقاً

كما تفاوح أزهار ببستان

تستخلص النفس من فحوى ملامحه

أن الغرام الذي يخفيه روحاني

يبكي وألحان موسيقاه مشجيةٌ

تهفو بأفئدة منّا وآذان

يبكي وأنغام موسيقاه مطربةٌ

نهتزّ منهنّ أرواح بأبدان

يبكي فيرفض عقد الدمع منتثراً

بغير وزن وأحيانا بميزان

لمّا أراني جلال الحسن ممتزجاً

بروعة الحزن أشجاني فأبكاني

فقمت بين إناس حوله وقفوا

مستعبرين وكلٌ نحوه ران

وكلّهم وقفوا مستسلمين إلى

تنهّدات وآهات وإرنان

حتى سألت عن الباكي وقصته

فقيل هذا هو الشعر ابن جبران

أبوه جبران أفناه الردى فغدا

من بعده رهن يتم حلف أشجان

فقلت لم يفنّ جبران بميتته

من خلّف ابناً كهذا ليس بالفاني

بل أصبحت بابنه ذكره خالدة

ما دام لبنان مأهولا بإنسان

إني أرى روح جبران مرفرفةً

على الربا الخضر من جنات لبنان