أربعة رجال مهمين جدا

 

1

على غير عادَتِه

جاءَ يوماً وزارَ البلدْ

وقبَّلنا واحداً .. واحداً

داعَبَ الطِفلَ والشيخَ

والشاةَ والقِطَ والجحشَ

حتى الجنينَ الذي سيصير ولدْ

وبعدَ الولائِمِ ، قالَ لنا

” أنا يا أحباءُ أنتُم

وأنتم أنا

كلنا واحد في جسدْ

فكونوا إذنْ لي سَندْ “

وَسندناه حتى أقاصِي السلالمَ

ثم صَعَدْ

وصِرْنا نُحدِقُ فيه

كبيراً بدا

ويُحدقُ فينا

ظلالاً بدونا ، إلى أنْ قعدْ

ومن يومِها لم ير

من الواقفين أحدْ

………..

2

دوائرُ مغلقةٌ ، وستائرها مسدله

والمديرُ كبيرٌ وضخم

على باب مَكتَبِة الفخمْ

لافتُةُ من حريرٍ تقول

” هنا يستحيلُ الدخول “

هنا غائبٌ في الحضورِ

فلا شغلُ ، لا مشغَلة

والأضابير متربةٌ مهمله

ومهمَتُه أنْ يُعَقِّدَ كلُ الأمورِ

وأن لا يَحُلَ سِوى زرِ بنطالِه

وقميصَ السكرتيرةِ الأرمله

…………

3

يُحدِقُ في الورقِ المتناثر

يَطرحُ

يضربُ

يقْسِمُ

يجمعُ

الطرحُ لا يستقيمُ

إذا ما تذكَرَّ بَطنَ رفيقَتَه المشرئِبَةِ

نحوَ الأمامْ

ولا الضَربَ أيضاً

إذا ما تذكَرَ “قبقابَ” زوجته

حين تَشتدُ حمّى الخصامْ

ولا القسمةُ الآنَ تنفعُ

فهي تُذكِرُ بالشركاءِ

وأرباحِهم آخرَ العامْ

حدّقَ ثانية

وَحدهَ الجمعُ في مقلتيه إستقام

ولملَم كلَّ الذي في الخزينة

وغادَرَ مَكتَبهَ تحتَ جُنحِ الظَلام

………

4

يُحدِقُ في الجدولِ الضحلِ

الماءُ مرآتُهُ الخائبةْ

فَرأى في الدوائرِ عُشبَ الحوافْ

وعصفورةً تستحمُ

بماءِ الضِفافْ

جميعُ الصَغائِر هادئةٌ في الزوايا

وواضِحةٌ في سريرِ المرايا

سوى نرجسٍ يكرَهُ الإعترافْ

وأنكرَ صورَتهُ الشاحِبةْ

عَدّلَ الجسَد المتفسِخَ قُدامَ عينيهْ

فارتجفتْ فيه كلُ الخلايا

فلم يتَعرفْ عليه

وقالَ بأن المَرايا هي الكاذِبةْ

ومَضَى ينشُدُ الصدقَ

في صَفحةِ النهرِ عندَ الضُحى

فمحى ما رأى وانتحىِ

وحدَّقَ ثانيةً

ثم قوّس في غَضب حاجبه

حين شاهدَ سبعةَ أوجُهْ

وسبعَ لِحى

فتحسَسَ ما فوقَ رقبتهِ ، ومضى

بعدَ أنْ لعنَ الغَلطةَ الصائِبةَ

ليسَ كالبحرِ يَصدقُ ، قالَ

وأسلمَ قامَتهُ الراقِصَه

لهديرِ خمدْ

وملامِحَه الناقِصه

لِمرايا الزبدْ

وحدّق ثالثةً

ورابعة ثم خامسة

وحتى أقاصِيَ العددْ

فرأى عكسَ ما يشتهي

فانتحى جانبًا وارتعدْ

لم يكنْ في المَرَايا أحدْ

وحدَه كان ، كان الزبدْ 

نابلس 1994 .