الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم | أحد أصحاب المعلقات

جمع الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم مكامن القوة في يده، فكان فارسًا شجاعًا فتاكًا، كما كان شاعرًا مميزًا بليغًا، وقد خلد ذكراه في التاريخ من خلال معلقته المميزة التي ظلت في ذاكرة القوم إلى يومنا هذا، بالإضافة إلى قتله لملك الحيرة عمرو بن هند، إليك سيرة الشاعر فارس تغلب عمرو بن كلثوم.

نسب عمرو بن كلثوم 

هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب، وينتهي نسبه إلى أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، كما يُكني بأبي الأسود.

ولد الشاعر الجاهلي عمرو في قبيلة من أشراف العرب، حيث حازوا السيادة والمكانة والعز والمجد، كمان كانت أسرته من سادات تغلب الذين ذاع صيتهم بين بلاد العرب ومنهم كليب الشهير، للقدر الذي جعل الناس تردد: “لو أبطأ الإسلام لأكلت تغلب الناس”.

وبالنظر إلى نسبه، نجد أباه هو كلثوم سيد تغلب، وأمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة، وعمها كليب خير مثالًا على العز؛ فعُرف عنها الكبرياء والأنفة، وعزة النفس.

اشتهر ابن كلثوم بشعره من ناحية وبقتله لعمرو بن هند ملك الحيرة من ناحية أخرى، كما قتل أخوه مرة المنذر بن النعمان بن المنذر ملك الحيرة.

حياة عمرو بن كلثوم ونشأته 

ينتمي الشاعر الجاهلي ابن كلثوم لأرض تغلب الواقعة في الجزيرة الفراتية وما حولها، أما فيما يتعلق بنظامها السياسي، فكانت تغلب تابعة لملوك الحيرة، حيث تمثل الحيرة أحد الإمارات العربية التي أسسها الفرس على حدود جزيرة العرب ، ولكن يبدو أن تلك التبعية كانت اسمية، حيث استقلت في كافة الشئون.

إن نشأة ابن كلثوم في مثل تلك الأسرة من الوجهاء والأشراف، وتلك القبيلة ذات المجد الرفيع، أثرت على شخصيته وصفاته، حيث كان ابن كلثوم جسورًا بليغًا خطيبًا، وسرعان ما تسيد قومه حين بلغ خمسة عشرة عامًا، فحل محل والده.

كان عمرو من أقوى فرسان العرب بالقدر الذي جعله يقود الجيوش ليحارب مع قبيلته، حيث دارت الكثير من الحروب بين قبيلة تغلب وبكر، حتى تمكن المنذر أحد ملوك الحيرة من إبرام الصلح بينهم.

أنجب عمرو ثلاثة أبناء: الأسد وعبد الله وعباد، وبنتا اسمها النوار، وقد ورث عباد شجاعة أبيه، وجسارته، حيث انتقلت الفروسية إلى دمائه، وقتل بشر بن عمرو بن عدس.

صفات الشاعر عمرو بن كلثوم 

عُرف عمرو  بجسارته وإقدامه، وهو أحد أشهر فرسان العرب، كما عُرف بقوته للحد الذي جعله يفتك بالملك عمرو بن هند الشهير، فتناقل العرب مثل “أفتك من عمرو بن كلثوم” للدلالة على القوة.

كما عرف عنه المغالاة في الفخر بقومه، والاعتداد بنفسه وأهله، فجمع من بين سبل الدفاع عن الوطن: السيف واللسان، فكان لا يركن للذل، ولا يخضع لملك، فنشأ معتزًا بنفسه لدرجة تصل إلى الغطرسة.

قتله عمرو بن هند

تناقلت بلاد العرب سيرة الشاعر الجاهلي ابن كلثوم وخاصة بعد قتله لعمرو بن هند، وقد رويت قصة عن تلك الحادثة، وأشار إليها ابن قتيبة، فيقال أن عمرًا  بن هند سئل ندمائه يومًا عن عربي تأنف أمه من خدمة أم عمرو بن هند، فقيل له حينها إن أم عمرو بن كلثوم ترفض هذا؛ لعزتها، ومكانة أسرتها، حيث إن أباها هو مهلهل بن ربيعة، وعمها كليب بن وائل الذي يضرب به المثل ﻓﻲ العز، أما زوجها فهو أفرس العرب كلثوم بن مالك بينما ابنها عمرو بن كلثوم سيد قومه وفارسهم.

وبعدما سمع عمرو بن هند تلك الكلمات سيطر الأمر على عقله، وأراد أن يهين ابن كلثوم،  فأرسل إليه يطلب منه زيارته، فجاء وأمه ابنة المهلهل في جماعة من تغلب، ثم دعا عمرو بن هند وجهاء المملكة. 

التقت هند وليلى في قبة داخل الرواق، وكان الملك قد طلب من أمه هند أن تبعد الخدم، وحينها تستخدم ليلى، ودار بينهما حوار، إذ طلبت هند من ليلى أن تأتي لها بحاجة ما، طبق أو ما شابه، فرفضت ليلى وقالت:

لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها”، فأعادت هند الطلب، وحينها فطنت ليلى ثم رددت كلمتها الخالدة التي أطاحت برأس عمرو بن هند، حيث صاحت: “واذلاه، يا تغلب“.

تلك الجملة التي رنت ﻓﻲ أذن ابنها ، فغضب لأمه، وثارت الدماء في عروقه، وأدرك الأمر من وجه عمرو بن هند، فهب إلى سيف معلق بالرواق، وضرب عنق الملك عام 569 م.

كان لقتل ابن كلثوم للملك عمرو بن هند صدى كبيرًا بين العرب، حيث زادت شهرته، وفخره، وقد أورد القصة داخل معلقته، كما لم يتوقف الفخر لدى الشاعر الجاهلي ابن كلثوم فقط، وإنما امتد ليشمل بني تغلب عبر السنين، فنجد الأخطل ينشد: 

أَبَني كُلَيبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَذا

قَتَلا المُلوكَ وَفَكَّكا الأَغلالا

يمكنك قراءة قصيدة: كذبتك عينك أم رأيت بواسط الآن

ثم نجد الفرزدق يرد على جرير، ببيت شعره القائل:

ما ضَرَّ تَغلِبَ وائِلٍ أَهَجَوتَها

أَم بُلتَ حَيثُ تَناطَحَ البَحرانِ

قَومٌ هُمُ قَتَلوا اِبنَ هِندٍ عَنوَةً

عَمراً وَهُم قَسَطوا عَلى النُعمانِ

اقرأ قصيدة: يا ابن المراغة والهجاء إذا التقت كاملة

ثم نجد أفنون التغلبي يفتخر بما فعله ابن كلثوم مرددًا هذا البيت: 

لَعَمرُكَ ما عَمرُو بنُ هِندٍ وَقَد دَعا

لِتَخدِمَ أُمّي أَمَّهُ بِمُوَفَّقِ

فَقامَ اِبنُ كُلثومِ إِلى السَيفِ مُصلَتاً

فَأَمسَكَ مِن نَدمائِهِ بِالمُخَنَّق

لقراءة قصيدة: لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا

خصائص اشعار عمرو بن كلثوم

إن عمرًا من أشعر شعراء الجاهلية، فكتب شعر متقن بليغ، وقد اشتهر في شعره بسرعة البديهة والقدرة على الارتجال، فضلًا عن سهولة الأسلوب وسلاسته، ووضوح المعاني، ، بالإضافة إلى طغيان الفخر على شعره وأغراضه، وتأثره في شعره ببيئته الصحراوية وحياته الحربية.

لم يلق الشاعر الجاهلي ابن كلثوم لأغراض الشعر المتعددة بالًا، فلم يحرص على الكتابة في كافة فنون الشعر متبعًا موهبته، وربما يعود هذا لسيادته لقومه واهتمامه بشئون قبيلته، بالإضافة إلى جو الحرب الذي نشأ فيه، فضلًا عن تكسب الشعراء بالشعر، وهذا ما لم يكن يلائمه.

 وقد ارتبط شعره بالفخر القبلي، فقد بالغ في الافتخار بقومه وأمجادهم،  وهذا ما ظهر جليًا في معلقته بشكل يفوق ما عُرف عن الشعر الجاهلي، وبالرغم من شاعريته، لكن لم يُروى عنه الكثير من القصائد بخلاف معلقته المميزة ذات الأسلوب السلس القريب من الفهم.

لا عجب من شاعرية عمرو، حيث ينتمي الكثير من الشعراء إلى قبيلته، هذا بالإضافة إلى خضوعه لعدد من التأثيرات الثقافية للحضارات المجاورة، فتأثر موطنه بالثقافة النصرانية والفارسية، علاوة على ساحة الحروب التي نشأ داخلها، حيث أثرت الحروب بين بكر وتغلب على تجربته الشعرية، فشعر أنه بحاجة للتعبير عما يجول داخله من فخر بقبيلته.

ساعد التنافس بين الشعراء في العصر الجاهلي على إصقال موهبة عمرو، ولعل أبرزها الخصومة الشعرية مع الحارث بن حلزة شاعر بكر.

قصة معلقة عمرو بن كلثوم

قال الشاعر الجاهلي عمرو  معلقته وفقا لواقعتين، حيث قال جزءً منها بين يدي عمرو بن هند أثناء محاولته التحكيم بين بكر وتغلب بعد أن حاول الإصلاح بينهما بعد حرب البسوس، فكان ابن كلثوم ممثل تغلب وشاعرها، بينما كان الحارث بن حلزة شاعرًا لبكر، فألقى كلا الشاعرين معلقتهما، وحينها مال الملك للحارث وبني بكر.

ثم دارت الأحداث وصاغ ابن كلثوم قتله للملك عمرو بن هند في معلقته، وتلك تمثل الواقعة الثانية، فبعد أن أطاح برأس ابن هند، وقف في سوق عكاظ جاهرًا بمعلقته في موسم الحج، مفتخرًا بنفسه.

معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي 

نظم عمرو بن كلثوم معلقته في ستة وتسعين بيتًا، وهذا ما نقله الناس، لكن يقال إنها في زمانها جاوزت الألف بيت، وقد تعددت أغراضها، فنجده يصف الخمر، وما يخلفه الفراق في النفس من أثر، ثم يفتخر بقبيلته، وأمجادها، وقلته لعمرو بن هند.

خرج الشاعر الجاهلي ابن كلثوم عن نهج القصيدة الجاهلية في معلقته، حيث بدأها بوصف الخمر، وهذا لم يكن شائعًا في الشعر الجاهلي، لذا تعد معلقته المعلقة الوحيدة التي بدأت بالخمر، فنجده يطلب الخمر الذي حدد نوعه، ثم خاطب الراحلة يرجوها أن تتمهل قبل الفراق، فقال البيت الشهير:

أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحينا

ولا تُبقي خُمورَ الأندرينا

مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيها

إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا

ثم يكمل ابن كلثوم في وصف محبوبته، فيقول:

قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ظَعيناَ

نُخَبِّركِ اليَقينا وَتُخبِرينا

قِفي نَسأَلكِ هَل أَحدَثتِ صَرماً

لِوَشكِ البَينِ أَم خُنتِ الأَمينا

شعر عمرو بن كلثوم في الفخر

بالغ الشاعر الجاهلي ابن كلثوم في شعر الفخر بالقدر الذي يفوق غيره من الشعراء، فنجده يظهر مظاهر الفخر في معلقته، فيرفع من شأن قومه ويعلي أمجادهم بأسلوب شعري مميز، ثم يوجه الكلام إلى الملك عمرو بن هند متوعدًا، فيقول:

أَبا هِندٍ فَلا تَعَجَل عَلَينا

وَأَنظِرنا نُخَبِّركَ اليَقينا

بِأَنّا نورِدُ الراياتِ بيضاً

وَنُصدِرُهُنَّ حُمراً قَد رَوينا

وَأَيّامٍ لَنا غُرٍّ طِوالٍ

عَصَينا المَلكَ فيها أَن نَدينا

وَرِثنا المَجدَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ

نُطاعِنُ دونَهُ حَتّى يَبينا

يتباهى ابن كلثوم بقومه، وغلبتهم في الصراع الدائم مع بكر، ويذكر من أيام العرب يوم خزاز، فيقول بفخر:

وَأَنّا المانِعونَ لِما أَرَدنا

وَأَنّا النازِلونَ بِحَيثُ شينا

وَأَنّا التارِكونَ إِذا سَخِطنا

وَأَنّا الآخِذونَ إَذا رَضينا

وَأَنّا النازِلون بِكُلِّ ثَغرٍ

يَخافُ النازِلونَ بِهِ المَنونا

سَقَيناهُم بِكَأسِ المَوتِ صِرف

وَلاقوا في الوَقائِعِ أَقوَرينا

تَنادى المُصعَبانِ وَآلُ بَكرٍ

وَنادوا يا لَكِندَةَ أَجمَعينا

مَلأْنا الَبرَّ حتّى ضاقَ عَنَّا

وَنَحْنُ البَحْرُ نَمْلأُه سَفِينا

إذا بَلَغَ الفطامَ لَنا ولِيْدٌ

تَخِرُّ له الجَبَابِرُ سَاجِدِينا

ابيات عمرو بن كلثوم بعد قتل عمرو بن هند 

ضمت المعلقة تهديدًا ووعيدًا للملك عمرو بن هند، وعلى الأرجح قد نظم عمرو ذلك الجزء بعد قتله للملك ابن هند، فيمثل الجزء الثاني من معلقته، حيث يقول: 

بِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ

تُطيعُ بِنا الوُشاةَ وَتَزدَرينا

تَهَدَّدنا وَأَوعِدنا رُوَيداً

مَتى كُنَّا لِأُمِّكَ مَقتَوينا

فَإِنَّ قَناتَنا يا عَمرُو أَعيَت

عَلى الأَعداءِ قَبلَكَ أَن تَلينا

يمكنك قراءة معلقة: ألا هبي بصحنك فاصبحين كاملة

أهمية معلقات عمرو بن كلثوم

حازت معلقة عمرو بن كلثوم شهرة كبيرة سواء في عصرها أم خلال العصور المختلفة، فقد عظمت تغلب قصيدة عمرو، وحفظها كافة أبنائها، وظلوا يرددونها لما فيها من مشاهد الفخر والمجد بالقبيلة، بالإضافة إلى سلاسة أسلوبها، مما يساعد على حفظها.

وقد قال عنها معاوية بن أبي سفيان: “قصيدة عمرو بن كلثوم، وقصيدة الحارث ابن حلزة من مفاخر العرب، وكانتا معلقتين بالكعبة”

 ونظرًا لمكانتها الأدبية وما ترويه من حوادث تاريخية؛ اهتم العديد من الباحثين والشعراء بدراستها سواء في العصور القديمة أو في العصر الحديث، ومنهم: 

  • أبو زيد الأنصاري في الجمهرة.
  • ابن سلام في طبقات الشعراء. 
  • أبو الفرج صاحب كتاب الأغاني.
  • ابن قتيبة صاحب كتاب الشعر والشعراء.
  • الزوزني في كتاب شرح المعلقات السبع.
  • النعساني الحلبي.
  • جورجي زيدان 

كما تُرجمت المعلقة إلى اللاتينية بواسطة كوزغارتن عام 1819 م.

أما فيما يتعلق بما قيل في مكانتها، فقد قال ابن قتيبة عنها: “”وهي من جيد شعر العرب، وإحدى السبع المعلقات“، بينما قال مطرف عن عيسى بن عمرو: “لو وضعت أشعار العرب في كفة وقصيدة عمرو بن كلثوم في كفة لمالت بأكثرها”

بينما يقول الكميت: “عمر بن كلثوم أشعر الناس…” ثم نجد ابن سلام يضعه في الطبقة السادسة من شعراء الجاهلية، وأولهم عمرو بن كلثوم ثم الحارث بن حلزة، وعنترة، بالإضافة ﺇﻟﻰ سويد بن أبي كاهل اليشكري.

إقتباسات عمرو بن كلثوم

نُقل عن الشاعر الجاهلي ابن كلثوم بعض الأبيات المميزة، والتي تعبر في غالب الأمر عن المدح والفخر، فانظر لقوله: 

مَعاذَ الإِلَهِ أَن تَنوحَ نِساؤُنا

عَلى هالِكٍ أَو أَن نَضِجَّ مِنَ القَتلِ

قِراعُ السُيوفِ بِالسُيوفِ أَحَلَّنا

بِأَرضٍ بَراحٍ ذي أَراكٍ وَذي أَثلِ

اقرأ قصيدة: معاذ الإله أن تنوح نساؤنا الآن

 رُوى عن ابن كلثوم أيضًا أبيات يهدد فيها عمرو بن أبي حجر الغساني، فنجده يقول:

أَلا فَاِعلَم أَبَيتَ اللَعنَ أَنّا

عَلى عَمدٍ سَنَأتي ما نُريدُ

تَعَلَّم أَنَّ مَحمَلَنَا ثَقيلٌ

وَأنَّ زِنادَ كُبَّتِنا شَديدُ

يمكن الاطلاع على قصيدة: ألا فاعلم أبيت اللعن أنا

 هجاؤه للنعمان بن المنذر

قيل إن عمرًا سمع أن الملك النعمان بن المنذر يتوعده، وحينها طلب كاتبًا من العرب ليملي عليها هجائه للنعمان، حيث قال: 

أَلا أَبلِغِ النُعمانَ عَنّي رِسالَةً

فَمَجدُكَ حَولِيٌّ وَلُؤمُكَ قارِحُ

اقرأ قصيدة: ألا أبلغ النعمان عني رسالةً الآن

خطابة عمرو بن كلثوم 

مثلما نبغ ﻋﻤﺭﻭ في الشعر، أجاد في النثر، حيث نُقلت عنه بعض الأقوال البليغة التي تنقل لنا جزء من تفكيره وحكمته، فنجده يقول في خطبة له: 

” أما بعد، فإنه لا يخبر عن فضل المرء أصدق من تركه تزكية نفسه، ولا يعبر عنه في تزكية أصحابه أصدق من اعتماده إياهم برغبته وائتمانه إياهم على حرمته”.

نقل الشاعر الجاهلي ابن كلثوم  شاعر المعلقات لأبنائه خلاصة رحلته عند إقتراب أجله، حيث جمعهم وقال لهم وصية تحمل مختصر حياته : 

” يا بني قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولابد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت، وإني والله ما عيرت أحدا بشيء إلا عيرت بمثله، إن كان حقا فحقا، وإن كان باطلًا فباطلا.

من سب سب، فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لكم، وأحسنوا جواركم يحسن ثنائكم، وأمنعوا من ضيم الغريب، فرب رجل خير من ألف، ورد خير من خلف. وإذا حدثتم فعوا، وإذا حدثتم فأوجزوا، فإن مع الإكثار يكون الإهذار. وأشجع القوم العطوف بعد الكر، كما أن أكرم المنايا القتل، ولا خير فيمن لا روية له عند الغضب، ولا فيمن إذا عوتب لم يعتب، ومن الناس من لا يرجى خيره، ولا يخاف شره، فبكؤه خير من دره، وعقوقه خير من بره، ولا تتزوجوا في حيكم، فإنه يؤدي ﺇﻟﻰ قبيح البغض”.

وفاة عمرو بن كلثوم التغلبي

توفي الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم التغلبي سنة 52 ق.هـ الموافق 600م وقد كان من المعمرين حيث يُروى إنه بلغ من العمر مائة وخمسين عامًا.

الأسئلة الشائعة 

هل عمرو بن كلثوم حفيد الزير سالم؟

نعم، إن عمرًا بن كلثوم هو حفيد الزير سالم، فهو ابن ليلى بنت المهلهل ابنة الزير سالم، وعمها كليب بن ربيعة، فكان عمرو بن كلثوم من أفضل العرب نسبًا.

ما هي قصة عمرو بن كلثوم؟

كان الشاعر الجاهلي ابن كلثوم أحد فرسان العرب، وكان سيدًا لقومه، وقد عرف بشجاعته وفتكه، وشعره، وقد ارتبط ذكره في الأذهان بمعلقته الشهيرة، وبقتله لملك الحيرة ﻋﻤﺭﻭ بن هند، وقد عرف عنه شعر الفخر وسلاسة الأسلوب، وصدامه الأدبي مع الحارث بن حلزة شاعر بني بكر.

من أشهر قصائد عمرو بن كلثوم؟

تعد معلقة عمرو بن كلثوم التي بدأها بوصف الخمر أشهر قصائده، لما تعكسه من أحداث الصدام بين بكر وتغلب من ناحية، وقتله لعمرو بن هند من ناحية أخرى، فضلًا عن سلاسة أسلوبها وروعته، بالإضافة إلى سهولة الكلمات والمعاني.

المراجع 

أحمد الأمين الشنقيطي: المعلقات العشر وأخبار شعرائها.

علي الجندي: في تاريخ الأدب الجاهلي

الأعلم الشنتمري: أشعار الشعراء الستة الجاهليين، المكتبة الشاملة.

ديوان عمرو بن كلثوم التغلبي: تحقيق أيمن ميدان.

ديوان عمرو بن كلثوم: شرح وتضبط عمر فاروق الطباع.

مصطفى الغلاييني: رجال المعلقات العشر، المكتبة الشاملة.

ابن قتيبة: الشعر والشعراء