أهفو لعلوي الرياح إذا جرت

أهفو لعُلويِّ الرياح إذا جَرتْ

وأظنُّ رامةَ كلَّ دارٍ أقفرتْ

ويشوقُني روضُ الحمى متنفِّساً

يَصفُ الترائبَ والبروقَ إذا جَرتْ

متعلِّلاتٍ بعدَ طارقِةِ النوَى

أو أبرأت داءَ الجوى أو علَّلتْ

يا دِينَ قلبٍ من ليالي حاجرٍ

مَكَرتْ به فقضتْ عليهِ وانقضَتْ

ومَضاجعٍ بالنَّعْفِ بات يعدُّها

غُنماً وأصبح ودُّه لو لم يبتْ

ومليحةٍ لو أنصفتْ عينُ المها

ف الحسن ما ثَنَتِ الصليفَ ولا رنتْ

بيضاءَ من كلَلِ الخدور وربّما

ذُكرتِ بداوةُ قومِها فتسهَّمتْ

أخذَتْ وأعطتْ من ضياء الشمس ما اح

تكمت فجمَّعتِ الجمالَ ووفَّرتْ

وكأنما وَلِيَتْ خَطائطَ وجهِها

يدُها فجاءتْ في الكمالِ كا اشتَهتْ

ملكت على باناتِ جَوٍّ أمرَها

فلها الأمارةُ ما استقامتْ وانثنَتْ

فإذا أرادتْ بالقضيبِ مَسَاؤةً

وتنقَّمتْ جُرماً عليه تأوَّدتْ

سنحتْ لنا دون الغدير فما سَقَى

صفوُ الغدير وعذبهُ مَنْ أعطشَتْ

ورَمتْ فَلَولا أنها ثُعَلِيَّةٌ

قُلنا رأت ثُعَلاً رَمى فتعلَّمتْ

غَدَرتْ فلولا أنَّها نَذرتْ دمي

لم تعرِف النَّذر الذي فيه وفَتْ

وعلى النقا والعيسُ تَحْفِرُ في النقا

أخفافُها من ثِقلِ ما قد حُمِّلتْ

حلَفتْ على قتلي فلمَّا أن رأت

بذَمايَ باقيةَ الرِّماقِ تأوَّلتْ

أبشر فإنك في الحياةِ مخلَّدٌ

يا من رأى يومَ القليبِ ولم يَمُتْ

وتشرَّفَت لتشبَّ جمرةَ صدرِهِ

بنتُ الأراكِ وهل تُشَبُّ وما انطفتْ

وُرقاء ذكَّرها الحداةُ هوىً لها

طارت ألائفُها به فتذكَّرتْ

هتفتْ على خضراءَ كيف ترنَّمتْ

من فوقِها مالت بها فترنَّحتْ

لو كان ينجو من علاقاتِ الهوى

شيءٌ لضُعْفٍ أو لمَرحمةٍ نَجتْ

ولقد طربتُ كما حزنتُ لصوتِها

فشككتُ هل غنَّت بشجوٍ أو بكتْ

قف يا أخا الملهوف وقفةَ مُرسَلٍ

حمل الأمانةَ هَضبةً أو أُدِّيَتْ

واجهَر بصوتك للتي لو خاطبتْ

في السرّ أوعالَ القِنانِ لأسمعتْ

وقل التحيةَ والسلامَ وحاجةً

من بعدِ أن خابت وإن هي أُنجِحتْ

يا أختَ سعدٍ فيم بات معذَّباً

قلبي عليكِ كأنما عينِي جَنَتْ

رُدِّي الفؤادَ عليَّ فهو وديعةٌ

مضمونةٌ مغرومةٌ إن ضُيِّعتْ

إن كان ظنُّكِ بالخيانةِ والقِلَى

أَن يشمَتَ اللاحِي عليك فقد شَمِتْ

وعميّةِ الأوضاحِ خرساءِ الصدَى

عَشِيَتْ على ضوءِ الصباحِ وأظلمتْ

مَرَدَتْ على عين الدليلِ ورأيِهِ

فتخالُه فيها أضلَّ بما خَرَتْ

تتغايرُ البَوغاءُ تحتَ شميمِهِ

فيها ويُنكَرُ صَوتُهُ والمُلتفَتْ

مركوبةٍ جَوْبُ المهاري جوَّها

غَرَرُ المقامِرِ فيه أخسَتْ أو زَكتْ

وإذا الركابُ استيأستْ في جَهلها

كيف النجاءُ توكَّلتْ واستسلمَتْ

داوستهُا أبغي العَلاءَ بهمّةٍ

لو شاورت أمَّ الشقيق لَمَا سَمتْ

تفلى على الكرماء تنفضُ منهُمُ

طرقَ المطالبِ أسلهتْ أو أحزنَتْ

ووراءها لولا المطامعُ منهُمُ

قُرَباءُ لو قنعتْ بهم ما أبعدتْ

نبِّهْ بني عبدِ الرحيم ولا تُبَلْ

معهم عيونَ الدهر كيف استيقَظتْ

واستفتهم في المجدِ تسألْ أنفساً

لَقِنتْ على جهل الورى وتفهَّمتْ

خَبُثَ الترابُ وما عليه وماؤها

شرفٌ فطابت وحدَها وتطَهَّرتْ

فكأن زاكِي عِرقِها لم يُسقَ من

ماءِ الزمانِ وفي ثراه ما نبتْ

قومٌ إذا حدَرَ التناكرُ لُثْمَهُمْ

وجلا الصِّفاحُ أكفَّهم فتحسَّرتْ

كفرتْ وجوهُهُم البدورَ وآمنتْ

لأكفِّهم أيدي السحابِ فكَفَّرتْ

شفعوا العلاء تليدَه بطريفه

فتقدّمت علياؤهم وتأخَّرتْ

ولدتهم الأرضُ التي قد جمعتْ

في الأكثرين فأكيستْ وتنجّبتْ

جاءت بهم وهي الوَلودُ كأنّهم

غُرباءُ جاءوا في العقامِ أو القَلَتْ

متواردين على العَلاء كأنّهم

ضربوا له ميقاتَ يومٍ لم يفُتْ

راضوا الأمورَ فتيُّهم كمسنِّهم

سَوْمَ الكعوبِ تلاحقَتْ فتنظمَّتْ

شَرَعوا إلى ثُغَرِ الخطوب ذوابلاً

لولا صنيعةُ نفسها ما فُضِّلَتْ

جُوفاً ترى الصمَّ الصعابَ وراءها

في الحرب تقفُو ما حذَتْ أو مَثَّلتْ

كتبوا على شهب الطروس لنا كما

طَعنوا على الخيل الوِرادِ أو الكُمُتْ

والجالسُ القوّالُ منهم آخذٌ

منها بأنفاس الشجاع المنصلِتْ

خذ من حديثِهمُ حديثَ قديمهم

واعجب لأطراف العلا كيف التقتْ

واسأل زعيم الدين عما خلفه

من مجدهم فهو الشهادة والثَّبَتْ

قمرٌ هو المِرآة عن أحسابهم

مهما رأت مما يقابلها حكتْ

أدَّى فروضَهمُ وسَنَّ نوافلاً

في المجد تممت الفروضَ وكمّلتْ

فضحَ السوابقَ مالكٌ أشواطَه

جارَى الرياحَ فَخُلَّ عنه وقُيِّدَتْ

وتقرّطت أيامُه بيتيمةٍ

منه صفَتْ للناظرين وأشرفتْ

لم يدرِ جهدُ الغائصين وكيدُهم

من أيّ أصداف البحار استُخرِجتْ

قد جوَّلوا فيها الظنونَ وأكثروا

بالخوض لما استُغرِبتْ واستُعظِمتْ

قالوا من البحر المحيطِ تصعَّدتْ

لا بل من الفَلكِ المحيطِ تنزّلتْ

بيضاء ملء يد المنى ملمومة

مَلَكَ المنَى وحَوى الغنى مَن أُعطِيتْ

يا جامعَ الحسناتِ بعد شذوذها

مِزَقاً وموجدَها أوانَ تعذّرتْ

ومقطِّر الأقران عن صَهَواتِ ما

رُبطتْ من الرأي الأصيل وضُمِّرتْ

كم واثقٍ منهم بِعصمةِ رأيه

وحسابِهِ من هفوةٍ أو من غَلَتْ

ضايقتَه حتى أقرَّ بعجزه

لما وضعتَ له يديك على النُّكَتْ

ومُنطَّقٍ ظنَّ البلاغةَ آيةً

نُصِبتْ له علَماً وشخصً صُوِّرتْ

ال الكثيرَ موسِّعاً لَهَواتِهِ

عُجْباً فلمّا قلتَ واحدةً سكتْ

حَسِب الفصاحةَ في التشادقِ وحدَه

ما كلُّ ما وُصِف الأُسودُ به الهَرَتْ

وأرى الوزارةَ مذ حَملتَ لواءَها

نُصِرت على فشل الولاة وظُفِّرَتْ

ساندت فيها ما عليك صلاحُهُ

وفسادُه إن أصلِحتْ أو أُفسِدتْ

ثَنَّى أخوك أخاك فيها مُسهِماً

وبُعثتَ ثالثَها الذي بك عُزِّزتْ

أنتم فوارسُها المَذَاودُ دونها

إن حوربت وملوكُها إن سولمتْ

وظهوركم لصدورها مخلوقةٌ

مظلومةٌ إن ضويقت أو زوحمتْ

نُصبتْ لكم وتمهّدتْ فمتى طرا

من غيركم طارٍ واستوحشتْ

هي مِلكُكم فمتى استُعيرت منكُمُ

لتجمّلٍ وأردتموها استُرجِعتْ

أبناء نِسبتِها وأبعُلُ عُذْرِها

وإذا عَدَتكم أعزبت وتأيَّمتْ

تَفدِي أبا الحسنِ الترابَ وطئته

قِممٌ هوت من تحتِ رِجلك إذ علت

ومحدِّثٍ بك في الوساوس نفسَه

نفسٌ لعمرك ضَلّةٌ ما سَوَّلتْ

لو ثاقلوك به وأُلقِيَ يَذبُلٌ

معه لكانت قِسمةً ما عُدّلتْ

أغنيتني بك عن سواك فلم أُبَلْ

فُتِحت أناملُ معشرٍ أو أُقفِلتْ

وسُقِيتُ أعذبَ شرتيك فما أرى

بأساً ببارقةٍ همَتْ أو أخلبتْ

وصفوتَ لي بالودّ والصهباءُ لم

تَشُبِ العقولَ بطعمها حتى صفتْ

أنكرتُ ودَّ أخي وعهدَ أحبّتي

وكريمُ عهدك طينةٌ ما أخلقتْ

فمتى طَلبتُ من الزمان سواك أو

شَرْواك فاشهدْ أنَّ ذاك من العَنَتْ

ولتُرضِينَّك ما سمعتَ نواهضٌ

بالشكر لم تَخَفِ اللُّغوبَ ولا وَنتْ

يقضِين ما أُسلفن من أيدي غِنىً

وَسِعتْ حقوقَ المقرضين وأفضلتْ

يَغنَى بها العرضُ الفقيرُ وإن رأت

عِرضاً غنيَّاً زيَّدته وأثَّلَتْ

يحانة ما استُنشِقت أرواحُها

وسلافة تُصحِي إذا ما أَسكرتْ

تقضي على الألباب أين خلاصها

من شَوبها ما استُحظِيت أو أُلغِيتْ

ضجَّتْ منابرُها بدعوتها لكم

فلو ادعت بكم النبوَّةَ صُدِّقَتْ

إن صاحبتْ يوماً إليكم عاطلاً

حلَّتْه أو تَفِلَ النواحي عَطَّرتْ

والمهرجان وكلّ يومٍ عادكم

في لطفه مما كستْ أو زَخرفتْ

فتملَّها وتملَّه مَتلوَّةً

ومُقابَلاً ما كرّ أو ما أُنشِدتْ

حتى ترى الأجداثَ تنفضُ أهلَها

والشمسَ في خضرائها قد كُوِّرتْ