اليوم أنجز ماطل الآمال

اليوم أنجزَ ماطلُ الآمالِ

فأتتك طائعةً من الإقبالِ

بمُنىً وفين له وهنَّ غوادرٌ

ولقِحن قربكَ بعد طولِ حِيالِ

قطعَ المنَى يستام ذاك بنفسه

مسترخِصا والدهرُ فيه يغالي

فأتى يدوس الهولَ نحوك شوقُه

والشوقُ مشَّاءٌ على الأهوالِ

يلقي الخطوبَ بمثلها من همة

قطعت جبالاً في ابتغاء جبالِ

في ظلّ وحدته وإنّ رفاقَه

كُثْرٌ ولكن قِلّة الأشكالِ

فرداً فليس يرد صوب صوبه

إلا مصدقه اختيار الغالي

ملءُ الإهاب عليمةٌ بطلابها

خفَّتْ ليومِ تحمّل الأثقالِ

سيّارةٌ فكأنها طيّارةٌ

بشِمال فارسها عنانُ شَمالِ

تجتابُ أربَعُها الوهادَ وطرفُها

بالراسياتِ موكَّلُ الإشغالِ

في الأرض تشخصُ للسماء كأنها

عرفَتْ ذَراك من السِّماك العالي

تلقَى غزالتها بجيدِ غزالةٍ

وهلالَها من غُرّةٍ بهلالِ

فسعى قِبالك جدُّه لا حاله

عفو النفوس ولا اجتهاد المالِ

فلتُرغم الأيّامَ زورةُ عاشقٍ

هجرَ الكثيرَ وزار غيرَ التالي

ولقد يكون من المحال بلوغُها

لولا تصرُّمُ دولةِ الإمحالِ

ولتيأس الآمالُ منّي بعدها

رؤياك كانت منتهى آمالي

حولٌ شفَى حالي التي أشفَتْ وقد

تتقلّب الأحوالُ بالأحوالِ

أنا من جذَبتَ بضَبعِه فسقيتَه

في البحر وهو مخادَعٌ بالآلِ

وخطبتَه فحظيتَ من أفكاره

بغرائبٍ نشزت على البُذّالِ

صينت زمانا في الخدور فعُنِّستْ

وجمالها حيٌّ بحظٍّ بالي

كم غادةٍ منها رضيتُ لمهرها

منك القبولَ فشيد بالإفضالِ

وجميلةٍ ذلَّت فحينَ رضيتَها

عادت تشوب جمالَها بدلالِ

كَرَمٌ يفيض على وصول رسائلي

نِعماً فكيف يكون يومَ وصالي

والبحرُ ينضح للبعيد وكلّما از

داد الدنوُّ ازدادَ فضلَ بِلالِ

ولئن رأيتك بالصفاتِ وبالذي

أوليتني وبصالح الأعمالِ

فالنفسُ عند المعجزات بأن تَرى

أحرَى وإن سكنتْ إلى النُّقَّالِ

لولا حظوظٌ في ذَراك سمينةٌ

ما جئت ملتحفاً بجسمِ هُزالِ

ولتُهتُ في وادي الجليدِ فكيف بي

ما خضت لولا أنّه لمعالي

وأُرِي غنيّ القوم أني فوقه

مع خَلَّتي أن صنتُ عنه سؤالي

وأبيتُ مقتنعاً بفضلة ما معي

علماً بشغل الحظّ بالجُهّال

متزمّلاً بالصونِ أرقع دائباً

بالصبر من أثوابه الأسمالِ

حتى وددت لوَ انَّ حُسنَ تصبُّري

في نائِبات الدهر أعدى حالي

ولمثل غرّتك الكريمة أن يُرى

حَمْلُ امرىء ما ليس بالحَمّالِ

فأُقِرَّ جنب وهو غير ممهَّدٍ

وأسيغَ شُربٌ وهو غير زلالِ

شكت الوزارة ذلّ منتحلِ اسمِها

لفظاً وما الأسماء كالأفعالِ

لما تحلَّى الدّسْتُ أصبحَ عاطلاً

منه ودستك في التعطُّل حالي

ركب الخطار مجرّباً لا عارفاً

يا قربَ رِكبتهِ من الأوحالِ

وخلا فحدَّثَ باعتلاقك نفسَه

لمّا جريتَ وقد يُسِرُّ الخالي

فاعطف لها أو فاتخذ بدلاً بها الز

وراء حُبَّ لها من الأبدالِ

ولقد تحنّ إذا ذُكرتَ عراصُها

شوقَ المُعرَّةِ بُشِّرتْ بالطالي

تصبو إليك وأهلُها ورسولُهم

شِعري وقد بَلَّغتُ في الإِرسالِ

ولقد تكون وإن نأيتَ أباً لهم

بَرًّا بفاقتهم وأمَّ عيالِ

وإذا سقى الغيثُ البلادَ بمسبِلٍ

غدَقٍ وهتَّانِ الحيا هطَّالِ

فبدا بدارك ثم عاد فجادها

جَوْدَ الجفون غداةَ شدِّ رحالي

فاختصّ غزلاناً هناك ووفَّرت

منه العزالي قسطَها لغزالي

أفدي بنفسي من يجلّ مكانُه

في النفس أن أفديه بالأموالِ

قمراً أخذتُ على السهاد ذمامَه

إلا توقُّعه طروقَ خيالي

وكفلتُ عنك له بأكرم أوبةٍ

فسلا عن الإعجال بالإيجال

فاردد عليه كما يُحبُّ حبيبَهُ

ضخمَ السلامة ناحلَ الأجمال

فالسيف يعلَقُ بالأنامل حدُّه

والعين تأباه بغَير صقالِ

قد كان يأتيني قصيراً ناحلا ً

فنهضت أطلب منه حظَّ طوالِ

ولقد حلا فسعيتُ حتى حلّ لي

ما كان يحلو طعمُه بحلالِ