تمد بالآذان والمناخر

تمُدُّ بالآذان والمناخِرِ

لحاجرٍ ومَن لها بحاجرِ

تغرُّها منه أحاديثُ الصَّبا

ولامعاتٌ في السحابِ الباكرِ

وأعينٌ موكَّلاتٌ بالحمى

من مستقيم اللحظ أو مُخازرِ

تودّ لو أنَّ ثراه عوضٌ

من دمعها يُستافُ بالمحاجرِ

أرضٌ بها السابغ من ربيعها

وشوقُها المكنونُ في الضمائرِ

مَشاربٌ تُخرّ تحتَ سُوقِها

وعُشُبٌ يضفو على المَشافرِ

وحيثُ دبَّت ورَبَتْ فِصالُها

وبَرَكَتْ تَفحصُ بالكراكرِ

وأَمِنتْ ساربةً سروحُها

شَلَّةَ كلِّ طاردٍ مُغاوِرِ

تمنعُها سيوفُ بَكرٍ أن ترى

بؤساً وتحميها رماحُ عامرِ

فهل لها وهل لمن تحملهُ

من عائفٍ بحاجرٍ أو زاجرِ

سارت يميناً والغرامُ شأمةٌ

ياسِرْ بها ياابنَ رَواحٍ ياسرِ

فإنّها من حبّها نجداً ترى

بكُثُبِ الغور شِفارَ الجازِرِ

وبالحمى أفئدةٌ من شجوها

خاليةٌ سالمةُ الضمائرِ

وأعينٌ تحسبها قريرةً

نائمةً عن أعينٍ سواهرِ

يرمين كلَّ ساهرٍ بمزعجٍ

وكلَّ مجبورِ الحشا بكاسرِ

كفَّلَهنَّ السُّقْمُ بقلوبنا

فكلُّ قلبٍ في ضَمانِ ناظرِ

يا ليت شعري والمنى تعلَّةٌ

هل بِمنىً لعهدنا من ذاكرِ

أم هل على بعد النوى إلى التي

لها الهوى من راكبٍ مخاطرِ

لعلّه يحمل من سلامنا

نُخبةَ زادِ الرجُلِ المسافرِ

ألوكةً خفّت ومن ورائها

بلابِلٌ تُعقَرُ بالأباعرِ

إذا رأيتَ الشمسَ في أترابها

فاحبس وقُلْ عنِّيَ غيرَ صاغرِ

اللّهَ يا ذات اللمىَ في أدمعٍ

فوائرٍ وأدمع فواترِ

وفي عهودٍ كُتْبُها مبلولةٌ

وهي لديك في النسيِّ الداثِرِ

فإنّ من دينِكُمُ في يَعرُبٍ

أن تأنفوا من الذمام الفاجرِ

وفي الضيوفِ الغرباءِ عندكم

قلبٌ يضامُ ماله من ناصرِ

فقرِّبوا صحبتَه واحتفظوا

فيه بحقّ البائع المهاجرِ

إما قِرَى النادي الكريم أو فَرُد

دوه على أربابه بالخاطرِ

أكلّ كفٍّ ظفِرت لئيمةٌ

وكلُّ عقْدٍ في بنانِ غادرِ

من لك بالناس ولا ناسٌ همُ

إلا كلامُ المُحرِجِ المكاشِرِ

نفسَك صُنْ ليس أخوك غيرَها

فقالل الناسَ ولا تكاثِرِ

واعلم بأنّ عزَّها قُنوعُها

برزقها الميسورِ في المَعاسرِ

وإن وصلتَ أو سألتَ فأخاً

صَحَّ على التجريب والمَخابرِ

أخاً ترى لوجهه قبلَ الجدا

أسرّةً تلقاك بالبشائرِ

مثلَ ابن أيّوبَ وأين مثلهُ

مُثِّلَ للأشباهِ والنظائرِ

من طينة المجد التي فروعُها

تُنيبك عن طهارة العناصرِ

الطّيّبين أنفساً باقيةً

وأرمُساً في ظُلَم الحفائرِ

يدلّك المجدُ على الأوائل ال

ماضين منهم بعلا الأواخرِ

داسوا ثرى المجد القديم ومشَوا

خَطْراً على خدّ الزمان الغابرِ

وأنطقوا بالخُرسِ من أقلامهم

ألسنةَ الدسوتِ والمنابرِ

كلّ كريم لاسمه في مجدها

مالأسانيد الحديث السائرِ

ولابنه من بعده ما يرث ال

شُبولُ في الغاب عن القَساورِ

شهادةٌ صدَّقَها محمدٌ

صِدقَ الربى عن الغمام الماطرِ

قامَ فأدَّى ثم مرَّ زائداً

تجاوزَ الذراع شبرَ الشابرِ

قضَى له قاضي السماح والندَى

يومَ تحورُ حجَّةُ المفاخرِ

قضيَّةٌ شَقّت على الهضبة من

رضوَى وأزرت بالفُرات الزاخرِ

رأى الكمالَ حِلَّةً فاحتلَّها

وربعُها مقوٍ بغيرِ عامرِ

ونهض الفضلُ له في مَزلَقٍ

مُسَنَّمٍ يُكسَرُ بالعوابرِ

جرى ففاتَ والعلا من خلفِهِ

تقول قاصِرْ من خطاك قاصرِ

حتى أرانا العجز في قولِهِمُ

طالب شأوِ المجدِ غيرُ ظافرِ

للّه أنتَ من جَمالٍ ظاهرٍ

وَخُلُقٍ صافي الغدير طاهرِ

وعدّةٍ ليوم لا يُغني أخا ال

حاجة إلا أنفَسُ الذخائرِ

عهدٌ كَملْمومِ الصفاةِ مُتعِبٌ

جانبُها لن يُبتغَى لفاطرِ

وخُلَّةٌ لا يَهتَدِي لنَقْضِها

على الزمان ناقضُ المرائرِ

أحرزَ من كنتَ وراءَ ظهرِهِ

حِصْناً له من جولة الدوائرِ

يحسدك الناسُ وأيّ عاجزٍ

لم تُدوِهِ شَقاوةٌ بقادرِ

وإنني معْ بُغض كلِّ حاسدٍ

أقضي لحسّادِك بالمَعاذرِ

يَفديك كلُّ ساكتٍ مُدامجٍ

بُغلَّةٍ وبائحٍ مُظاهرِ

وشامتٍ إن رُفعت لعينه

صَيفِيَّةٌ من السحاب العابرِ

جهامةٌ يفتحُ فاهُ نحوَها

يحسبها جهلاً من المواطرِ

يسرّه العاجلُ من أظلالها

وهي غداً مهتوكةُ الستائرِ

وربّما عادت بذي حَواصِبٍ

عليه واجتاحت وذي صَراصرِ

كمن جنى البغيُ على أمثاله

من غامطٍ نعماءَكم وكافرِ

وأنتُمُ في معزِلٍ من شرِّها

وجانبٍ من النجاءِ وافرِ

عوائدٌ للّه فيكم ضَمِنَتْ

لَمَّ الشتيتِ وجُبورَ الكاسرِ

كم مثلها قد غَلِط الدهرُ بها

ثُمّتَ لاذَ منكُمُ بغافرِ

دَجَتْ ولكن أقشعتْ عن أنفُسٍ

سواكنٍ وأعينٍ قرائرِ

وكم تعيَّفتُ لكم سُفورَها

من قبل أن يبرُزَ وجهُ السافرِ

فَلم تُكَذَّبْ فيكُمُ زاجرَتي

قطُّ ولا خُيِّبَ يُمنُ طائري

فانتظِروها ويدي رهنٌ بها

فربّما كانت كرجعِ الناظرِ

بك استجابَ الدهرُ لي ودعوتي

تجولُ منه حولَ سمعٍ واقرِ

وأبصرَ الحظُّ الطريقَ فاهتدى

إليّ وهو أبلهُ البصائرِ

حصَّنتَ وجهي وحقَنتَ ماءَه

فليس مذ حقنتَه بقاطرِ

ولم تدَعْ لي منذ أَولَدتَ المنى

مَشقّةً إلى لِقاح العاقرِ

كم أربٍ كنت إليه سببي

فتلتَه بمُحصَد المرائرِ

وخَلَّةٍ أعضلني شفاؤها

شفيتني من دائها المخامرِ

ملَكْتَني مِلكَ الوفاءِ بيدٍ

تطلبُ بعضي فتحوزُ سائري

فصار يُرضيني بما ترضاه لي

منذ عرفتُ نافعي من ضائري

فلا تُخِفْ فيك الليالي جانبي

بقاصدِ السهمِ ولا بغائرِ

ولا يزلْ عزُّك لي ذخيرةً

لأوّلٍ من عيشتي وآخرِ

ما لاح صبح بضُحىً أضاء لي

وشوَّقَ الواردَ رِيُّ الصادرِ

وحَسَر النيروزُ من قناعه

طلعتَهُ على الربيع الناضرِ

وزاركم يرفلُ في وشائعٍ

من حُلَلِ الروضِ وفي حَبائرِ

بكلّ عذراءَ لها في خِدرِها

صرامةً ما للهصورِ الخادرِ

حاطمةٍ تُنحي على مَعاشرٍ

وتُحفةٍ تُهدَى إلى مَعاشرِ

إِقذاعُها على عِداكم ولكم

منها يدُ الراضي ولفظُ الشاكرِ

تَطرَبُ للحادي إذا غنَّى بها

فيكم وتستقصرُ ليلَ السامرِ

كأنهم لم يسمعوا من قبلكم

في ماجدٍ مقالةً من شاعرِ