رد عليها النوم بعد ما شرد

رَدَّ عليها النومَ بعد ما شَرَدْ

إشرافُها على شَرافٍ من أُحُدْ

وضمَّها منشورةً مَجرى الصَّبا

وعَطَنَ الدارِ وطِينةَ البلَدْ

فعطَفَتْ كلَّ صليفٍ ناشزٍ

على الخِشاشِ وعلى لين المَسَدْ

يقودها الحادي إلى حاجته

وهمُّها أخرى إليها لم تُقَدْ

وإنما تيَّمها بحاجرٍ

أيّامُها بحاجرٍ لو تُستَردْ

وصالحاتٌ من ليالٍ أخلقتْ

عهودُها وهي مع الذِكْرَى جُدُدْ

يادين من أهل الغضا سقامُها

ووجدُها بمدّعٍ ما لم يجِدْ

وحفظُها عهدَ ملولٍ ماطلٍ

يذكر ما استرعَى وينسَى ما عَهِدْ

وكم على وادي الغضا من كبِدٍ

يحكم فيها بسوى العدل الكَمَدْ

ومن فؤادٍ بَددٍ تلفِظُه

ولائدُ الحيّ مع الحصا البَدَدْ

وصارمٍ ما شَقِيَ القَيْنُ به

مذ سلَّه غُنجُ اللحاظِ ما غُمِدْ

ومن غزالٍ لا يُقِلُّ رِدفُه

ضعفاً وفي حباله عُنقُ أَسَدْ

وقامة لو لم يكن لشكلها

فعلُ القناة لم تملْ ولم تمِدْ

بانات وادٍ مذ حَمَتْ شجراءَهُ

رماحُ قيسٍ ما اختُلي ولا عُضِدْ

تلاوَذُ الريحُ بكلِّ مرهفٍ

غصنٍ إذا قام وحِقْفٍ إن قعدْ

حبائب بالخيْف في مَلاعبٍ

هنّ النعيمُ وهي جنّاتُ الخُلُدْ

سقتْ دموعي حَرُّها ومِلحُها

عيشاً بها بالأمس طاب وبَرَدْ

لو كان لي على الزمان إِمْرَةٌ

بطاعةٍ قلتُ أعدْها لي أعِدْ

يا راكباً تدوسُ للرزقِ به

حرَّ الثرى والليلَ وجناءُ أُجُدْ

ترى الطريقَ عَرضَهُ وطُولَه

لقُطبها بين ذراعٍ وعَضُدْ

تطوي السُّرى طيَّ الرياح لا تُرَى

سائلةً أين المَدَى وما الأَمَدْ

كأنّها من خِفّةٍ من مسّها ال

أرضَ على أربَعِها لا تعتَمِدْ

تطلب نُجْحَ حاجها بجَهْد من

أقسمَ لا يطلُبُ إلا ما يَجِدْ

اِرجِعْ وراءَ فاسترحْ وأَعفِها

ما كلُّ حظٍّ لك منه أن تَكُدّْ

مَطرَحُ عينيكَ غِنَى مقترِفٍ

كفى بني الحاجاتِ شُقَّاتِ البُعُدْ

بجانب الزوراء قصرٌ قصدُهُ

بحرٌ إذا أعطى الغِنَى لم يقتصِدْ

أيدي بني عبد الرحيم مدُّه ال

دائمُ والبحرُ يَغيضُ ويَمُدّْ

قد أفعموه وأباحوا وِردَه

مخلَّداً عَذْباً فمن شاء وَرَدْ

قومٌ إذا لم تَلْقَ منهم واحداً

وإن لقِيتَ الناسَ لم تَلْقَ أحدْ

صانوا حمى أعراضِهم ومالهُم

وَذِيَّةٌ على الطريق تُنتقَدْ

وعَقَدوا لكلّ جارٍ ذمّةً

وذمّةُ المال بهم لا تنعقدْ

هم دبَّروا الأرضَ فلم يُعيِهِمُ

بثقلها تدبيرُها ولم يَؤُدْ

ملوكُها اليومَ وآباؤهُمُ

ملوكُها وما على الأرض وَتِدْ

تمطَّقوا السؤدُدَ في مهودهم

من حَلَمٍ ما أَرضعتْ من لم يَسُدْ

وطوّحوا وهم جِذاعٌ فُصُلٌ

بالقارح البازل والقَرْم الأشَدّْ

وكلَّما نازعهم منازعٌ

سلَّمَ مختاراً لهم أو مضْطَهَدْ

ولا ومَنْ قاد الصِّعابَ لَهُمُ

وأوجدوا الفضلَ بهم وقد فُقدْ

وأظهرَ الآيةَ في اشتباههم

بأساً وجوداً وعناءً وجَلَدْ

ما تَلِدُ الأرضُ ولو تحفَّلتْ

مثلَ كمالِ الملكِ والأرضُ تَلِدْ

رعَى بني الدنيا على اختلافهم

منفرداً بما رعاه مستبِدّْ

لا مستشيرٌ يُبصر الشورى له

رأياً ولا منتصِحٌ فمرتَفِدْ

وَحْدَةُ ذي اللِّبدةِ لا يُفقره

عَناؤه بنفسه إلى العَدَدْ

تُحرِّم النومَ المباحَ عينُه

إِزاء كلِّ خَلَّةٍ حتى تُسَدّْ

لا مُغلَقُ الرأي ولا مضطربُ ال

أحشاءِ تحت حادثٍ من الزُّؤُدْ

إذا أصاب فرصةً لعزمه

صمَّمَ لا يسوّفُ اليومَ بغدْ

مباركُ النظرةِ مَن أبصره

مصطبحاً بوجهه فقد سَعِدْ

لو صيغت الأيّامُ من أخلاقه

لم يعترضْها كَدرٌ ولا نَكَدْ

لم يُسمِه الملكُ الكمالَ أو رأى

عن عفوه نقصانَ كلِّ مجتهِدْ

ولا أرادته العلا أباً لها

إلا وقد أفلحَ منها ما ولَد

أقرّ بالفضل له حاسدهُ

ولو رأى وجهَ الجحود لجَحَدْ

أفقره الجودُ وإن أغناه أن

ساد به ولم يَسُدْ مَن لم يَجُدْ

فلا يزلْ على الزمان منكُمُ

مسلَّطٌ يَفرِي الأمورَ ويقُدّْ

ولا تَبدَّلْ بسواكم دولةٌ

أنتم على أرجائها سِتر يُمَدّْ

ولا رأى سريرُها وسرجُها

مِن غيركم مَن يمتطِي ويقتَعِدْ

وكنتَ أنت باقياً مساوِقاً

بعمره وعزِّه شمسَ الأبَدْ

تَسبِي العطايا لك كلَّ حُرّةٍ

لولا نداك لم تكن لتُعتَبَدْ

بِنْتِ الخدور في الصدور رضَعتْ

ثديَ النُّهى ونشأتْ من الكَبِدْ

لم تُمتَهنْ بلفظةٍ يلفظُها

من شرِّها السمعُ ولا معنىً يُرَدّْ

يَرقِي بها ودَّ القلوبِ ساحرٌ

ما شاء بالنفثةِ حلَّ وعقدْ

كل لسانٍ ثنويٌّ مشرِكٌ

وهو لكم في شعره فردٌ صمدْ

ما دار مذ دار الكلامُ ناطقٌ

بمثلها ولا جرتْ في الصحْفِ يدْ

تغشاك منها كلَّ يومٍ تحفةٌ

نخبةُ ما قال الخبيرُ أو نقدْ

رآك دون الناس أولى بالذي

بالغ فيهِ من ثناء واجتهدْ

ما نافقتْك مِدحةٌ ولم يَقلْ

فيك غلوَّ الشعرِ إلا ما اعتقدْ