أمومة مغدورة

( 1 )

رغيف‮ ‬على الجمر

يعلو نشيش خميرته بزفير القرابة بين

الأمومة والفرْن والعَرقِ‮ ‬المستكنّ‮ ‬بحب الحصيد

وللجوع ملْهبَة‮ ‬وغواية ثرثرةٍ‮ ‬تَتَقَطّع حكْيا‮ ‬وقهقهة

وأكاذيبَ‮ ‬بيضاءَ‮.‬

كنا بمنتصف الصيف،

والليل نَثّ‮ ‬من الطّل معتكر‮ ‬بالهلال الوليد

نرى لمعا‮ ‬خابياتٍ‮ ‬تكاد تحدّر فوق مصاطب بطيخنا

وعساليجه لبْشة‮ ‬لبشة

وأحاطتْ‮ ‬بنا ظلمة الليل،

كنا بنوْبتنا في الحراسة‮..‬

قال المجرّب‮: ‬فَلتعْل في الرّكْية النار

حتى نبدّدَ‮ ‬وحشَتنا ونخيفَ‮ ‬الذئابْ

فقد ملأتْ‮ ‬بالعواء ظلامَ‮ ‬الحقول

وفي كل صبح نلملم بطيخنا المتكسّرَ‮ ‬من

ضربات النيوب ونهش المخالبِ

تتركه خاويا‮ ‬دمه حول أطراف خضرته

قال أكثرنا شغبا‮: ‬فخّ‮ ‬صلبي‮ ‬بشدْقيْه أضراسه

وقواطعه المرهفات أشدّ‮ ‬وأنكى بها،

قطعة‮ ‬من شواء ستغوي معاطِسَها

وتشدّ‮ ‬من الجحر لابدَها،

ثم نسمع طقْطقة الصلب حول الرقاب

وتلك وليمة صيدي‮ ‬بها نشتفيِ،

جلدها للبرادع،

واللحم من حول أفلاذه ستهرّ‮ ‬الكلاب

وأكبادها نشْتويها على الصّهْد

نأكلها نصفَ‮ ‬نيئةٍ‮ ‬فهي مرْكوز فطرتها،

وهي سر الضراوة والعنفوان

وكنا على الوعد والعهد في النوْبة التالية‮:‬

‮( 2 )

سرى الغيم تحت الهلال المحدّبِ،

ريح تهب على شجر يتخلّله الليل والنور

والخوف يطلق أشباحه من وجيب

دمي وارتعادي

عواء‮ ‬بعيد ينادي

يجاوبه من عظامي ومن ركبتيّ‮ ‬صدى سنّنَتْه الهواجس،

قرفصْت في كتلة الرفقاء ألوذ بهم

ويلوذون بي،

ثم أَرْهَفَنا الانتظار عيونا‮ ‬وسمعا‮.‬

وقبل الهزيع الأخير

من الليل دوّتْ‮ ‬بأجسادنا طلقة‮ ‬أرعدتْ‮ ‬بأسنّة فولاذها

وانطباقةِ‮ ‬أضراسها الصلبِ

صيد‮ ‬هوى بعواء كظيم‮.‬

( 3 )

تَقَشّعَ‮ ‬من ظلمة الليل أكثرها

وتبدّتْ‮ ‬لنا الملحمة‮:‬

غنيمتنا ذئبة‮ ‬مزّق الفخ أعضاءها

وارتمت في دماها

ومن حولها خمسة‮ ‬من جراءٍ‮ ‬صغار تَخامشها

وتدور وتقفز لاهية

وتزيح بأظفارها ما تخثّر من دمها

ثم تمرح باحثة‮ ‬عن مكامن أثدائها

ثم تصطفّ‮ ‬ترضع في هَدْأة

كالنعاس الوديع‮.‬

جريت وحيدا‮ ‬إلي بيت أميِ

تشققني شهقتي وتهدّ‮ ‬كياني الدموع‮..‬