أتمنى ولكن

ليس تَدْرُونَ ما أُلاقي مِن الضَّعْفِ والسَّقَمْ!

أنا بالعَيْشِ مِنْهُما

في جَحيمٍ مِن الأَلَمْ!

مَزَّقَ الرُّوحَ فانْحَدَرْتُ إلى بُؤْرَةِ القَدَمْ!

وَيْ كأنِّي بِغابَةٍ

تَحْتَويني مِن السَّلَمْ!

* * *

لَيْتَني كنْتُ نَجْمَةً

في سَحِيقٍ من الرِّحابْ!

ما تُعانِي مِن البِلى

أَوْ تُعاني مِن العَذابْ!

فَهْي لا تَرْتَجِي الثَّوابَ

ولا تَرْهَبُ العِقابْ!

لِمَ.. والحِسُّ ما يَجِيشُ

ولا الفِكْرُ.. في الأَهابْ؟!

* * *

لَيْتَني كنْتُ صَخْرَةً

ساخَ في الأَرْضِ جِذْرُها!

أعجز الشَّمْسَ.. والرِّياحَ الأعاصِيرَ ظَهْرُها!

كيْفَ لا! وهيَ ما تُحِسُّ

ولا ضَاقَ صَدْرُها؟!

لَيْلُها ما أَخافَ مِنْها

ولا سَرَّ فَجْرُها!

* * *

لَيْتَني كنْتُ باذراً

يَبْذُرُ الحُبَّ والأَمَلْ!

وإذا مَسَّهُ اللُّغُوبُ

وحَفَّتْ به العِلَلْ!

لم يَعُوقاهُ لَحْظَةً

أو يَرُدَّاهُ لِلْكَسَلْ!

بَلْ يَزِيداهُ قُوَّةً

ونَشاطاً على العَمَلْ!

* * *

لَيْتَني كنْتُ مِبضْعاً

يَبْتُرُ الحِقْدَ والحَسَدْ!

ساءَ مَرْعاهُما الخَبِيثُ

وأَفْضى إلى النّكَدْ!

بَعْضُ ما في الحياةِ هذى

جَديرٌ بأَنْ يُحَدْ!

والحدُودُ الَّتي تُقامُ

هِي العَدْلُ والرَّشَدْ!

* * *

لَيْتَني كنْتُ صارِماً

في يَديْ فارِسٍ شُجاعْ!

يَنْصُرُ الحَقَّ ما أَطاقَ

ولا يَرْهَبُ الصِّراعْ!

يَكْشِفُ الزَّيْفَ نازِعاً

عن شياطِينِه القِناعْ!

فَهْوَ رُعْبٌ لِذي الضَّلالِ!

ورُعبٌ لَذي الخِداعْ

* * *

لَيْتَني كنْتُ بَلْسَماً

فيه لِلْمُوجَعِ الشِّفاءْ!

ولِذي العَجْزِ قوَّةً

ولذي الضَّعْفِ كِبْرِياءْ!

ولِذي الشَّجْوِ راحَةً

مِن هَوانٍ. ومِن بَلاءْ..!

وهو لا يَرْغَبُ الثَّناءَ

على البَذْلِ والعَطاءْ!

* * *

ويَراعاً يَشُدُّهُ..

لِلْعُلا الصِّدْقُ.. لا الرِّياءْ!

ما يُبالي إذا اسْتَقامَ على الدَّرْبِ بالبَلاءْ!

لم يَخَفْ قَطُّ.. بَلْ أَخافَ وأَجْدى مِن المَضاءْ!

وهو كالنُّورِ.. إن تَجَلَّى

تَبَدَّى به الخَفاءْ..!

* * *

لَيْتَني كنْتُ شادِياً

بَيْنَ رَوْضٍ ومَنْهَلِ!

عُشُّهُ في حَدِيقَةٍ

ذاتِ وَزدٍ وصَنْدَلِ!

يَتَغَنَّى بِجَوِّهِ

وبإِلْفٍ ومَنْزِلِ!

فَهْوَ حُرٌّ.. ولَيْتَنا

مِثْلَهُ لم نُكَبَّلِ!